لاشك أن التحديات التي تواجه اقتصاد البحرين أفراداً ومؤسسات وأجهزة حكومية، تكتسب بصورة مستمرة ابعاداً وأشكالاً جديدة تكون بمجموعها - أي تلك التحديات - ملامح النظام الدولي الاقتصادي الجديد، ومن بين أبرز هذه التحديات والتأثيرات هي ظاهرة التحرر الاقتصادي والابتكارات والتقدم التقني وكذلك النمو المتواصل في قيمة المبادلات التجارية الدولية في السلع والخدمات.
ومن بين التأثيرات المهمة للنظام الدولي هو إضعاف أنماط التعامل التجاري المعمول بها، وخير دليل على هذا الاحداث المالية في منطقة جنوب شرق آسيا والتي اكدت مدى عرضه الادارة الاقتصادية والمالية الوطنية وكذلك الانظمة المصرفية الى التأثيرات الخارجية.
كذلك فمن خصائص النظام الدولي دخول مؤسسات ومجموعات غير مصرفية في الأسواق المالية وتطور أنظمة المدفوعات الالكترونية ، وهذا من شأنه أن يفرض ضغوطا على الانظمة الرقابية وانظمة المدفوعات والتسويات الدولية وكذلك على مقدرة السلطات النقدية على احتواء الصدمات الاقتصادية والمالية داخل حدودها الجغرافية والحيلولة دون امتدادها عبر الحدود. وكما برهنت الأحداث الماضية والحالية، فان النظام الدولي بكل ما يحمل من خصائص سيؤدي على الارجح الى زيادة دور آلية السوق وبالتالي فرض اعتبارات وتأثيرات السوق على الاحداث والتطورات الاقتصادية والمالية بصورة أكبر من تأثير الحكومات، وفي هذه الاحوال فمن المتوقع زيادة درجة انتقال التأثيرات المالية عبر الحدود.
وفي ظل هذه المعطيات والمتغيرات وما يصاحبها من حالة عدم اليقين، يتطلب الأمر من الحكومة والمؤسسات المالية والانتاجية والخدمية تركيز الانظار والمساعي، فبالنسبة للحكومة ، يكمن التحدي في خلق بنية اقتصادية ومالية محلية تأخذ بالحسبان مزايا انضباطية السياسات الاقتصادية وكذلك تحسن مستوى الاشراف والحيطة، كما أن المطلوب ايضا وضع الاولويات ورسم انماط التنمية المستهدفة على المدى الطويل وبالتالي تخطيط برامج وسياسات التنمية الملائمة وحشد الموارد المادية والمالية والبشرية الكفيلة بالوصول الى الطموحات المستهدفة. لابد من التخطيط بجدية للمستقبل وترك التحرك على اساس ردود الفعل او تحركات اسعار النفط في الاسواق العالمية.
وعلى نطاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فان المطلوب هو العمل على رفع مستوى التنسيق والتعاون بين الحكومات والسلطات النقدية لما من شأنه ان يؤدي الى تقارب اكبر بين انظمتنا النقدية والمالية وبالتالي زيادة درجة التكامل بين الدول، ان المطلوب التسريع في عملية التكامل الاقتصادي بين دول المجلس من خلال اقامة الجدار الجمركي وتوحيد السياسات المالية والنقدية علاوة على تحرير حرية الاستثمار والتجارة والعمل.
ولاشك أن فتح القطاع المالي الخليجي عالمياً سوف يحقق مزايا كثيرة للمصارف الخليجية على المدى المتوسط والبعيد خصوصا تلك المصارف التي استطاعت أن توجد لها فروعاً وشركات تابعة في المراكز العالمية الرئيسية، وعلى سبيل المثال، سوف تساهم هذه البنوك في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في البلدان الخليجية، وتتضاعف أهمية هذا الدور مع تزايد الاحتياجات التمويلية لدول المنطقة وحاجتها لمشاركة الأموال الخاصة وسواء العائدة للمستثمرين في بلدانها أو الخارج للمساهمة في تمويل هذه الاحتياجات
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1419 - الثلثاء 25 يوليو 2006م الموافق 28 جمادى الآخرة 1427هـ