وصلتني رسالة من الأخ جابر علي، بشأن مقال كتبته عن وجوب المساواة في اللعن بين الزرقاوي وفرق الموت. وهي رسالة جانب فيها الأخ جابر الصواب بحسب رأيي، وله شكري وتقديري على الإطراء الذي صدر به رسالته، وهو إطراء لا أستحقه.
علاقاتي تبدأ من قرى شارع «البديع» ولا تنتهي بردهات «الحياك» و«الصاغة» و«الحدادة» و«الراهب»... وزميل دراستي، الذي لازمني كظلي، منذ أربع سنوات بشقة «الاسكندرية» هو ابن رأس الرمان، ناهيك عن الكثير من العلاقات التي نسجتها وأعتز بها في الأوساط «الشيعية». هذه المعلومات، لا أذكرها كـ «رومانسيات» حالمة؛ بل هي واقع معاش يشعر به كل صاحب فطرة سليمة. ولا أحد بحاجة إلى مجاملة مني، كما أنني أصلاً لست مجاملاً لأحد، ولو كان كذلك لما كان عنوان هذا العمود «وجهاً لوجه».
كما أن فترة التسعينات بما فيها من حوادث، باعدت في جانب منها بين الكثير من أبناء الطائفتين؛ إلا أن أدبيات ومنشورات المعارضة كانت متداولة بيني وبين مجموعة من الأصدقاء والمعارف، تماماً كما كانت قراطيس «كتائب الحسين» و«كتائب الفاروق» منتشرة لا يصدقها إلا الأغبياء! وهي قراطيس صنيعة «مخابرات أمن الدولة» لدق «اسفين» بين أبناء الطائفتين... كتب عن هذه القراطيس - سافراً وجهها القبيح - الأخ العزيز حافظ الشيخ صالح في عموده «قوس قزح».
مما يؤسف له أن يضطر المرء إلى ذكر ارتباطاته المتشعبة مع أبناء وطنه من مختلف الطوائف، وللدقة، بيني وبين الإخوة «الشيعة الاثني عشرية» (وهم غالبية شيعة البحرين وأقرب الطوائف بعد الزيدية إلى أهل السنة والجماعة). فنحن أبناء وطن واحد وهكذا يجب أن نبقى. العقل والمنطق يقولان بذلك، رغم الانعكاسات الإقليمية والمتغيرات على الساحة الدولية، إضافة إلى سياسة أميركا في تفجير الأوضاع بين مختلف الطوائف والأعراق في جميع الدول العربية بدعوى حماية الأقليات، وما هي إلا سياسة قريبة من أسس نظرية الصهيوني «هركابي» القائمة على «تفجير الأوضاع من الداخل في الدول العربية»، وتساعدها في هذا الأمر مع الأسف «أنظمة الوضع الراهنة» من أجل الحفاظ على عروشها.
علاقاتي بالإخوة الشيعة لا تغشى عيني النظر إلى المجازر القائمة على قدم وساق من تقتيل وتنكيل بالشخصيات الوطنية والحرق والاستيلاء على المساجد «السنية»، كما لا يغشى عيني انتمائي واعتزازي بمذهب أهل السنة والجماعة، جرائم تفجير الحسينيات، و«تفخيخ» الطرقات وإراقة دماء الأبرياء في الشوارع، باسم الجهاد. على ذلك جاءت دعوتي إلى المساواة في اللعن؛ فالتطهير والاستهداف العرقي أو الطائفي مرفوض في كل الشرائع والأعراف الدولية. وما يحدث في العراق من غير الجائز السكوت عليه شرعاً (ديناً) أو خلقاً عربياً وإسلامياً أو وطنياً.
«عطني إذنك»...
ليست لدي «هواية» أو «غواية» تتبع زلات مسئول معين لأنه ينتمي إلى طائفة أخرى، أو مسح جوخ أو الدفاع عن مسئول فاسد ينتمي إلى طائفة معينة! نبراسنا في ذلك مقولات المرجع السيد محمد حسين فضل الله: «محاسبة المسئول الفاسد ليس معناه محاسبة الطائفة». بل إن المسئول الفاسد (فساد أخلاقي، مالي، أو سلوك عدواني استئصالي تجزيئي) يجب أن يرمى من قوس وتر أبناء الطائفة قبل غيرهم؛ إذ «الفاسد لا يشرف الطائفة»
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1419 - الثلثاء 25 يوليو 2006م الموافق 28 جمادى الآخرة 1427هـ