تعيش قيم الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان هذه الأيام أسوأ أيامها على رغم كل تلك الطروحات الغربية والمؤتمرات الدولية التي تعقد لمناقشة قضايا الإصلاح والتغير العالمي، حتى باتت الديمقراطية وحقوق الإنسان شعارا لكل مؤتمر تحتضنه الدول الغنية والفقيرة، الغربية والعربية، المستبدة والضعيفة على حد سواء. والمثير للانتباه أن كل هذه الطروحات والآراء تمحورت حول قضية أساسية هي محور رئيسي لكل هذه النقاشات الدائرة، ألا وهي الحريات المدنية للفرد وتوفير السلام والأمن له سواء في مجتمعه أو في المجتمع الدولي ككل.
هذا الجدل الذي تثيره هذه القضايا في المجتمع العالمي اليوم يطرح سؤالا واحدا ومحددا هو جدية الأنظمة، خصوصا الكبرى منها (والتي تتبنى وتحاول إيهامنا بأنها تسعى لنشر هذه القيم) في خلق وتأسيس مجتمع عالمي خال من الظلم والحروب. ففي القانون والمنطق عادة الظالم يردع والمعتدي يوقف والمرتشي أو الفاسد يحاسب، ولكن أن يكافأ كل هؤلاء على ما اقترفته أيديهم فهذا يناقض القانون والمنطق العقلاني.
فردة فعل القوى الدولية تجاه ما يحدث في لبنان من مجازر «إسرائيلية» لم تخذلنا فقط، ولكن أسهمت في إسقاط جميع القيم الإنسانية التي كنا نؤمن بها والتي يحاول العالم الغربي «المتحضر» أن يوهمنا بأنه جاء ليؤكدها. كما أثبتت حوادث لبنان أن الأنظمة العربية عاجزة عن سد جوع مواطنيها النفسي والوجداني. ولا عجب أن يتساءل بعضنا وهو يجول ببصره من حوله في ذهول، إلى أين تأخذنا شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع العادل التي طالما راودت أحلامنا؟ هل هي مجرد طروحات فكرية أم أنها فعلا هي الأساس، وأن غياب هذه القيم النبيلة (بفعل فاعل) هو السبب في ما نحن عليه اليوم؟ أين أميركا وبقية الدول الغربية من طروحات العدالة وحقوق الإنسان وهي ترى أبسط حقوق المواطن تنتهك في لبنان وفلسطين والعراق؟!
إن حوادث لبنان أعطتنا فكرة واضحة عن الصورة التي يرانا بها الغرب ويحاول إيهام العالم بأنها الصورة الحقيقية لنا. فحسب تصريحات أحد المسئولين الكبار في أميركا، فإن المسئول الأول عن تدهور الوضع الأمني في لبنان هو حزب الله وسورية وإيران وأن من حق «إسرائيل» الدفاع عن وجودها. هذا التفسير الأعوج للحوادث في لبنان يقدم لنا الجلاد في صورة الضحية، والسارق في صورة الشريف، والمتهم في صورة البريء
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1416 - السبت 22 يوليو 2006م الموافق 25 جمادى الآخرة 1427هـ