بعد عشرة أيام من القصف الإسرائيلي على لبنان وقتل نحو 400 شخص غالبيتهم من المدنيين وتدمير البنية التحتية وفرض حصار على دولة عضو في الأمم المتحدة من دون أي استناد قانوني أو دولي، تصل وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس إلى المنطقة لتضع حجر أساس «شرق أوسط جديد»، يفترض أن يكون مختلفاً عما هو موجود على الأرض.
إن الزيارة التي تقوم بها رايس للمنطقة في هذا الوقت، الذي يستمر فيه العدوان الإسرائيلي على لبنان، تؤكد استعداد واشنطن للتفاوض على الاستمرار في قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية في لبنان، وهي بالأساس إشارات تثبت سوء نوايا البيت الأبيض لمستقبل «الشرق الأوسط الجديد» قبل إعلانه.
تعرف شعوب المنطقة أن أميركا لم تكن أبداً شريكاً نزيهاً لحل القضية فلسطين لأنها تعودت الوقوف مع «إسرائيل» بشكل لا يقبل النقاش ولا يتحمل التبرير، وخصوصاً خلال ولاية جورج بوش الابن، الذي (نجح) في تأزيم الوضع السياسي ورفع معدلات العنف والعنف المضاد من الناحيتين الكمية والنوعية، رافقه ازدياد ملحوظ في عدد الجماعات المتطرفة العاملة في المنطقة أو التي تتخذ منها وسيلة لتبرير عملياتها.
الموقف العربي المسبق من أميركا سيرافق زيارة وزيرة الخارجية الأميركية التي دشنتها بمؤتمر صحافي، أشار إلى أن البيت الأبيض يستعد لإعادة بناء العلاقات القائمة في المنطقة على أساس سيطرة مطلقة لـ «إسرائيل» تحت حماية أميركية معلنة لا تتخفى وراء ما كان يقال عنه شريك نزيه.
قد تحاول رايس الاستفادة من الاحتقان السياسي الذي صنعته واشنطن في المنطقة للترويج لمشروعها الجديد القائم على التعايش المشحون بين دول المنطقة لإكمال صورة «الشرق الأوسط الجديد» وفق المتغيرات التي أحدثتها واشنطن في المنطقة، وفي مقدمتها الوضع في العراق والصراع الطائفي الذي بات يظلل العلاقات العربية - الإيرانية التي تمر بالأصل بتوتر غير مسبوق بانت بعض ملامحه على طبيعة المواقف من العدوان الإسرائيلي على لبنان.
رايس ستعلن هذه المرة «خطة سلام» في ظل عدوان إسرائيلي مستمر، من المستبعد أن تمثل حلاً للمشكلات المحتقنة أصلاً من خريطة الطريق التي تحاول واشنطن رسمها في منطقة يزداد فيها العنف القائم والنائم مع كل حل منقوص تفرضه أميركا على شعوب الشرق الأوسط الجديد منه أو القديم
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1416 - السبت 22 يوليو 2006م الموافق 25 جمادى الآخرة 1427هـ