في ساعة مبكرة من مساء معتم كالعادة عند ساحل السنابس الذي كان إلى وقت قريب مقصد أهالي المنطقة، عزمنا على الذهاب إلى رحلة لصيد الأسماك وإن كانت معظم رحلاتنا تنتهي بصيد «الحشيش» وبعض المرفقات من الشباك البالية وقطع القماش التي عفى عليها الدهر!
كانت البوانيش تسد المدخل الذي قيل لنا إنه موقع لتجمع الأسماك، والغريب أن تحت كل بانوش مجموعة من الأسماك التي التقطت أنفاسها الأخيرة من زيوت البوانيش، فهل يعقل أن الموقع محل لتجمع الأسماك؟ صبرنا ساعة من الزمان ورجعنا كما نرجع كل مرة، حاملين «الروبيان» وخيوط الصيد وثلاجة الصيد المليئة بالثلج فقط...
وعلى رغم الرائحة غير الحسنة التي تسببها المكنات والزيوت والمخلفات في المنطقة، فإن بعض الأهالي أبوا إلا أن يقفوا شهودا على ما خلفه الزمن وكأن لسان حالهم يقول: «أين نذهب»؟
سيارات تقف على أطراف الشاطئ الذي اغتالته حجارة الفنادق والمنشآت السياحية والتجارية، وعند السفن التراثية افترشت عائلات بحرينية الموقع في منظر لا يحتاج إلى تعليق...
هل تحولت البحرين من أرخبيل للجزر إلى أرخبيل للفنادق والسواحل الخاصة؟ هل آثرت الدولة هذه الفنادق على مصالح الناس؟
وكيف يمكن أن تتحول سواحل عامة إلى سواحل خاصة في طرفة عين ويحرم الأهالي الذين طالما اعتادوا ارتيادها، ومن دون سبب مقنع؟ ما الذي حدث لمصائد الروبيان وغيرها من الأسماك؟
قبل أيام قليلة، صدق مجلس الوزراء على اعتماد الشريط الساحلي، أو بعبارة أدق خط الدفان لخليج توبلي، واضعا حدا للتكهنات بشأن الساحل الذي تم دفن الكثير منه وتقاسمه، ولكن المجلس لم يصادق على استملاك بعض الأراضي لعدم الحاجة إلى ذلك... مجلس الوزراء لم يشر إلى المخالفات التي ارتكبت في حق البيئة البحرية الفريدة في هذه المنطقة، ولم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى أي معلومة عن طريقة استملاك أراضي الساحل، ولعل هذه إشارة واضحة إلى عدم سعي الحكومة إلى الخوض في تفاصيل أراضي الساحل والاستحواذ على ثرواته وهو أمر ينافي المكاشفة والصراحة.
وللمواطن حق السؤال: كيف يمكن ان نتحدث عن الحماية اذا لم تكن هناك سياسة لاستعادة ما خسرته البحرين من اراض وسواحل؟ ثم كيف يمكن ان تدفع الدولة من أموال الشعب بهدف استعادة اراض استملك الكثير منها بالمجان؟
إننا بحاجة لاعادة النظر في مجمل السياسات والاجراءآت بهدف استعادة وحماية تراب وسواحل وبيئة مملكتنا الحبيبة، وهو أمر ليس بالمستحيل في حين توضحت الأسس والمبادئ التي تحدد النهج العام لحماية الثروات الوطنية
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1416 - السبت 22 يوليو 2006م الموافق 25 جمادى الآخرة 1427هـ