أشرنا في مقال يوم أمس (السبت) بأن الموازنة الأميركية تعاني من عجز كبير (نحو 300 مليا ر دولار في العام الجاري). بيد أنه يعد تحسنا مقارنة بالسنوات القليلة الماضية.
وعرفنا خلال زيارتنا إلى العاصمة واشنطن في الأسبوع الماضي بأن المديونية العامة في الولايات المتحدة ارتفعت بشكل كبير وخطير في غضون ربع قرن لا أكثر. فقد بلغ العجز نحو ألف مليار دولار (أو تريليون) في العام 1981. أما في الوقت الحاضر فتشير الإحصاءات إلى أن الرقم في حدود 8400 مليار دولار (8.4 تريليون).
تمويل العجز
السؤال الذي يطرح نفسه هو من يمول هذا العجز المالي الضخم الجواب هو عدد من الدول الآسيوية بالدرجة الأولى وفي مقدمتها الصين واليابان والهند. فحسب آخر الإحصاءات المتوافرة والتي تعود لنهاية شهر يونيه/ حزيران تحتفظ الصين بأكبر مبلغ من الاحتياطي في العالم وتحديدا 941 مليار دولار. وتأتي اليابان في المرتبة الثانية من حيث حجم الاحتياطي (864 مليار دولار). بينما لدى الهند احتياطي قدره 162 مليار دولار. وتتمكن هذه الدول من جمع الاحتياطي المالي عن طريق التصدير.
تقوم الولايات المتحدة بتمويل العجز عن طريق استصدار أذونات خزانة وسندات تباع في الغالب على بعض الدول التي تتمتع بفائض في الميزان التجاري مثل الصين. يذكر أن الصين مسئولة عن ربع أو 200 مليار دولار من أصل 800 مليار دولار عجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة في العام 2005.
لكن يلاحظ أن الولايات المتحدة تغض الطرف عن هذا العجز التجاري بسبب توافر الرغبة الصينية لشراء الأدوات المالية للحكومة الأميركية التي تصدرها الحكومية الفدارلية ما يعني أن هناك مصلحة متبادلة، وهنا بيت القصيد. بمعنى آخر، لا يضر الولايات المتحد كثيرا وجود عجز تجاري مع بعض الدول لطالما أنها تقوم بتوظيف الفائض في شراء الأدوات المالية للحكومة المركزية وبالتالي تساهم في تمويل العجز المالي.
خدمة الدين
ويلاحظ أن دول مثل: الصين واليابان والهند ترغب في توظيف أموالها في أميركا لأسباب منها تحاشي الضغوط لفتح أسواقها أمام السلع الأميركية. أيضا تحصل هذه الدول على فوائد على القروض من الأدوات المالية الرسمية للحكومة الأميركية. بحسب المصادر الرسمية، دفعت الولايات المتحدة 352 مليار فوائد على قروضها للدائنين في العام 2005.
هناك في أميركا من يعتبر هذا الرقم كبيرا وخصوصا إذا ما قورن بالأموال المستخدمة في البرامج الاجتماعية الأخرى. على سبيل المثال، تم تخصيص مبلغ قدره 61 مليار للتعليم في العام 2005.
هناك اعتقاد سائد في الولايات المتحدة مفاده بأن المجتمع الأميركي يعيش فوق طاقته. بالمقابل يرى آخرون بأن بمقدر الاقتصاد الأميركي تحمل المديونية (8400 مليار دولار) نظرا لأن هذا الرقم يمثل نحو 70 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. ختاما المشهور في أوساط دول منطقة عملة اليورو بأن المديونية العامة يجب ألا تزيد عن 60 في المئة من الناتج المحلي، وعليه تعتبر المديونية الأميركية مرتفعة نسبيا لكن ليس بشكل خطير قياسا بحجم الاقتصاد الوطني. ما يهم هو إن دولاً أخرى هي من تقوم بتمويل المديونية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1416 - السبت 22 يوليو 2006م الموافق 25 جمادى الآخرة 1427هـ