العنصرية هذه الصفة البغيضة للإنسانية، المقيتة على المسامع طغت بشكل جلي على منظمات حقوق الإنسان تجاه ما تقوم به الدولة العبرية من جرائم إبادة، إذ تشن حرباً غير متكافئة في الجبهتين اللبنانية والفلسطينية.
منظمة مراقبة حقوق الإنسان «هيومن رايتس وتش» ركزت في تقاريرها أخيرا على الجانب الإنساني الإسرائيلي أي الضرر الذي لحق بالمدنيين الإسرائيليين جراء صواريخ حزب الله. فقد أعلنت أن هجمات المقاومة الإسلامية على «إسرائيل» بصواريخ الكاتيوشا على مناطق مدنية مثل مدينة حيفا يعتبر انتهاكا للقانون الإنساني الدولي ويشكل على الأرجح «جرائم حرب». ألم تعلم المنظمة أن حصيلة القتلى اللبنانيين وصل حتى كتابة هذه الأسطر إلى 339 ومئات الجرحى غالبيتهم من المدنيين،في مقابل 15 مدنيا و18 عسكريا حصيلة القتلى في الجانب الإسرائيلي؟
لِمَ لم تحقق المنظمة الدولية في ذبح 23 لاجئا لبنانيا غالبيتهم أطفال ونساء فروا من قرية مروحين،إذ احتموا ببعثة الأمم المتحدة التي طردتهم بدورها ليلاقوا حتفهم حرقا بالصواريخ الإسرائيلية.
ألم تسمع المنظمات الغربية بإدانة دول عدة في مقدمتها فرنسا وروسيا للاستخدام المفرط للقوة خلال هذه المواجهة اذ بدأت «إسرائيل» بتدمير البنى التحتية اللبنانية وخصوصا المطار المدني. لماذا تركز المنظمات الحقوقية على ما يفعله صاروخ الكاتيوشا البسيط في مكوناته والمحدود في مداه بينما تغضٍ الطرف عن استخدام «إسرائيل» أسلحة فتاكة ومحرمة دوليا من قنابل فسفورية تمزق جثث الضحايا وتفتت أضخم البنايات.
إن الحصار الجوي والبري والبحري الذي تفرضه القوات الإسرائيلية على سكان لبنان ومهاجمة قوافل النازحين وقتلهم وقصف شاحنات المساعدة والإغاثة هي التي تشكل جرائم حرب في رأي المحايدين، الأمر الذي يستدعي التدخل السريع من قبل الأمم المتحدة لوقف العبث الوحشي ومحاكمة المسئولين عنه أمام المحكمة الجنائية التي أنشئت لهكذا أغراض وليس لمثول الضعفاء أمامها وترك الأقوياء ليعيثوا في الأرض فسادا. ولذلك ينبغي على المنظمات الحقوقية مراجعة تقاريرها ومواقفها المزدوجة في النزاعات التي يكون فيها العرب والمسلمون طرفا وإلا فإنها ستفقد صدقيتها لدى الرأي العام كما فقدت ذلك الدول التي تتحيز لها
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1415 - الجمعة 21 يوليو 2006م الموافق 24 جمادى الآخرة 1427هـ