ما بين التحالف السياسي والتباين في «التنظير» من جهة، وممارسة فعل الارتزاق السياسي والإعلامي من جهة أخرى فاصل وطني لبناني لا يقبل المراهنات. فليست محاصرة/انتقاد/ تحجيم/ مصادرة حزب الله بوصفه جسماً لبنانياً (47 في المئة من مجموع الشعب اللبناني) خياراً يعول عليه، وخصوصاً لمن يدرك حسابات لبنان الداخلية.
«جيزيل خوري» الإعلامية التي حازت كثيراً من الجوائز العربية والدولية كان جديراً بها أن تتوقف عن بث برنامجها بـ «العربي» حتى تستطيع استرجاع ولو القدر البسيط في حيادية الإعلامي، على «جيزيل» أن تدرك أنها أضحت شريكاً سياسياً في حواراتها الأخيرة، وصولاً إلى استماتتها في الحصول من الرئيس «السنيورة» على تصريحات «بليدة»، لم يرد إطلاقها أصلاً، فحاولت وراوغت من أجل ذلك في مشهد «سخيف» لم يحترمه على الأقل «أنا».
من جانب آخر، «الدولة»، التي تشدقت بها قوى 14 آذار، ليست سوى أرجوحة مكسورة. وعليه، كانت سقطة من تزلفوا بـ «الدولة» مدوية موجعة، فهل غاب عن نصراء الدولة، أن «الدولة» نفسها لا تمتلك أياً من سلطتها الوهمية، أم أنهم للتو عرفوا لبنان وسيرته التاريخية؟ كان المشهد السياسي الذي اختزلوه في الدولة وسلطتها مبتور الحبكة، وأجد لهم العذر في ذلك، فالانسياق خلف رأس المال الإعلامي وتوجهاته السياسية هو ما يحفظ للبعض مراكزهم في الصحف والمؤسسات الإعلامية.
قلنا: إن الاختلاف في صلاحية التوقيت أمر، وما يجري بوصفه كسراً لظهر لبنان أمر آخر، حساباته مختلفة، وخياراته بالتالي مختلفة. وإذا كان «جنبلاط» يقر بأن المعركة داخل لبنان هي إقليمية دولية، فعلى جنبلاط نفسه مدعوماً بكتلة المستقبل الحريرية أن يدرك حجم المعضلة، وأن يكون في موقعه الحقيقي.
إذا كانت قوى 14 آذار تعتقد أن حزب الله وحده هو من سيدفع الثمن، فتلك حماقة جديدة. فاللعبة السياسية في الداخل اللبناني لن يكون مؤشرها سلبيّاً بذلك القدر الذي ينهي أسطورة الصعود الجنوبي نحو الشمال اللبناني سياسياً وعسكرياً، وجنبلاط نفسه، والهاربون من لبنان مع كل أزمة يدركون ذلك جيداً.
إن الارتزاق الإعلامي والسياسي على حساب «حزب الله»، وبالمراهنة على القوة التدميرية الإسرائيلية هو خيار لن يكون مهملاً في مرحلة ما بعد العدوان، ولن يكون حزب الله «الجريح» - مهما بلغت جروحه - مرتمياً على طاولة الحوار الداخلي اللبناني طلباً للرحمة، فقواعده الشعبية، وقوته الإقليمية لن تسمح له بذلك. وأخيراً: لو كان الشهيدان - الرئيس «الحريري»، والإعلامي «سمير قصير» - بيننا... لكان لمثل هذا الارتزاق الجديد «حد» يقف عنده
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1415 - الجمعة 21 يوليو 2006م الموافق 24 جمادى الآخرة 1427هـ