بعد أكثر من أسبوعين على تنفيذ المقاومة الفلسطينية عملية «الوهم المتبدد» في كرم أبوسالم، نفذت المقاومة الإسلامية اللبنانية (حزب الله) في لبنان عملية «الوعد الصادق»، الأمر الذي أفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وحكومته عقولهم وهم على طريقهم إلى هاوية السقوط لا محالة عاجلاً أو آجلاً. وكما أصابت العملية الأولى مقتلا في كل ما يحرص عليه الصهاينة من أوهام بشأن صورة جيشهم الذي لا يقهر وقوة ردعهم التي لا تقاوم، أكملت العملية الثانية على تلك الأوهام جميعا.
إزاء ذلك لم يكن لدى أولمرت أية خيارات غير اللجوء إلى الورقة الوحيدة التي يمتلكها كيانه، وهي ورقة القوة العسكرية القادرة على القتل وارتكاب المجازر ضد المدنيين وتدمير البنى التحتية للحياة في كل من قطاع غزة وجنوب لبنان. وهو ما فعله ومازال يفعله الجيش الإسرائيلي في المنطقتين من دون أن يحرك ذلك ساكنا لا على المستوى العربي ولا المستوى الدولي.
ومع الحرب المفتوحة في الجنوبين «جنوب فلسطين وجنوب لبنان»، وبصرف النظر عن حجم الخسائر المادية والبشرية المتوقعة التي يمكن أن تصيب الأطراف جميعا، وبصرف النظر عن كل الاحتمالات المفتوحة لتحول المنطقة كلها إلى ساحة حرب واحدة، خصوصاً في ضوء التهديدات «الإسرائيلية» لسورية وإيران وتحميلهما المسئولية عما يجري، فإن الانكسار لن يكون من نصيب الجانب الفلسطيني أو اللبناني، لأن من يخوض الحرب اليوم هو المقاومة مدعومة بتأييد شعبي لا مجال لنكرانه، وبالتالي فالصمود واستمرار المقاومة هما السلوك المنتظر منها. «إسرائيل» بجرائمها الأخيرة في فلسطين ولبنان قتلت التسوية، وأكد ذلك الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بعد الاجتماع الوزاري للجامعة بالقول: «إن عملية السلام ماتت»، والدليل على ذلك أيضاً أن الشعوب اختارت طريقا آخر للتعامل مع الكيان، وانتقلت المقاومة من الحكومات إلى المنظمات... «حماس» تجاوزت سلطتها، وذهبت بعيدا لتنفيذ أجندتها من دون إذن من جهة... حزب الله أيضاً حمل سلاحه حتى يحرر الجنوب اللبناني.
كان حزب الله يدرك العواقب عندما أسر الجنديين في الجنوب، والأهم أنه كان مستعدا لكل الاحتمالات، وأشار أمينه العام السيدحسن نصرالله إلى ذلك قبل اندلاع المعارك بوضوح، حينما قال: «إن المقاومة لا تريد التصعيد، لكنها مستعدة للمواجهة إذا قررت (إسرائيل) تأزيم الأوضاع»، ثم أكد «نحن جاهزون للمواجهة والحرب إلى أبعد ما يمكن إلى حيفا وإلى ما بعد حيفا».
ما يقوم به حزب الله حالياً هو نوع من رد الصاع صاعين، كي يعلم الإسرائيليون «أن الجواب موجود وأن مراكز القوى تتبدل أحياناً، وأن هذه العمليات تأتي في سياق الردع والعقاب لهمجية المحتل وإعادة الفرحة والابتسامة لمن هدمت بيوتهم وفقدوا الغالي والنفيس خلال العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان»
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1413 - الأربعاء 19 يوليو 2006م الموافق 22 جمادى الآخرة 1427هـ