ما هو الدافع الأساسي للإرهاب في منطقتنا العربية والإسلامية؟ وما الذي يمنع انتشار الديمقراطية في منطقتنا؟ وما الذي أخر مجتمعاتنا عن اللحاق بالتنمية المستدامة التي انتشرت في مناطق كثيرة؟
البعض طرح أن السبب هو الدين الإسلامي، وأصحاب هذا الطرح أساساً من المستشرقين الذين أعادوا صوغ التاريخ الإسلامي بأسلوب يظهر الصراعات والجانب الدموي وتغليب منطق القوة والسيف. ولكن الواقع يقول إن السبب في تأخر منطقتنا هو أن الدول التي تدعي حمل لواء الحرية والديمقراطية والتنمية الاقتصادية تقف إلى جانب دولة تعتقد بكل ما هو مخالف للديمقراطية وللأمن والسلام، وتتبنى الإرهاب كسياسة رسمية للدولة تنفذها متى شاءت ضد الفلسطينيين واللبنانيين وأي مجموعة بشرية أخرى.
الذين يغلبون منطق القوة ليسوا المسلمين، على رغم أن بعض البائسين وبعض المتطرفين يخرج علينا باسم الإسلام ليرتكب الأعمال البشعة. الذي يغلب القوة على العقل والمنطق ويستخدم البطش هو «إسرائيل» بمساندة الولايات المتحدة الأميركية.
الذين يؤمنون بالمعتقدات المضادة ليسوا المسلمين، فالمسلمون لديهم نص قرآني يلزمهم بالشورى، والشورى هي جوهر الديمقراطية. إنما «إسرائيل» تقول إن الله أعطاها الأرض وفضلها على الناس، فأية ديمقراطية توجد في هذا الطرح؟ وكيف يمكن لعاقل أن يقول إن «إسرائيل» تمثل بلدا يؤمن بالديمقراطية، بينما هم يكررون هذه المعتقدات النافية للآخر؟
ثم ان الإرهاب الاسرائيلي الذي يطول المدنيين هو أكثر ممايقوم به أي طرف آخر. فقتل المدنيين العزل - من أية ديانة كانوا - عمل إرهابي، ولو تمت المقارنة بين ما تقوم به «إسرائيل» وما تقوم به المجموعات الأخرى، فإن للإسرائيليين اليد الطولى في انتهاج الإرهاب ضد الآخرين.
أما الحديث عن الشرعية الدولية التي تعبر عنها قرارات الأمم المتحدة، فإن آخر دولة تحترمها هي «إسرائيل» أيضاً، لكن الدول التي تحمل راية الديمقراطية تغض الطرف عن كل ذلك، وفي الوقت ذاته تمارس كل أنواع الضغط والترهيب والترغيب ضد الآخرين بحجة مخالفتهم للقرارات الدولية.
هل يمكن أن يلام المستضعف والفقير والمظلوم إذا انتهج التطرف كردة فعل على الإرهاب الرسمي الذي تمارسه «إسرائيل» برعاية من الدول الكبرى؟ كيف يمكن لمنطقتنا أن تهدأ وشعوبها ترى كيف يتم تدمير البنية التحتية لبلد بكامله (لبنان)، بينما الرئيس الأميركي يلوح إلى انه سيفسح المجال لفترة من الزمن لكي تقضي «إسرائيل» على لبنان؟
كيف يمكن للقوى المجتمعية التي تؤمن بالديمقراطية في منطقتنا ان تتحرك بينما هناك دولة تقوم على أساس معتقدات خاصة تفرض على الآخرين بالبطش والإرهاب؟ ألا يحق لنا أن نقول إن «إسرائيل» هي العدو الأول للديمقراطية في الشرق الأوسط، وإنها الداعية الكبرى لمنطق الإرهاب والبطش؟
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1413 - الأربعاء 19 يوليو 2006م الموافق 22 جمادى الآخرة 1427هـ