لا نفهم ما هو السر وراء استمرار الإهداءات في معظم القنوات الفضائية طالما أن شريط الرسائل القصيرة الذي يرد في أسفل الشاشة يقوم «بالواجب وزيادة»، إذ يختصر الأشواق ويعبر عن المشاعر ويتحول أحيانا إلى «مرسال الهوى» بين الأحبة.
ولا نفهم معنى إحضار مذيعات «مغنجات» ليتلقين الاتصالات كأنهن عاملات سنترال، ويتصرفن مع بعض المتصلين والمتصلات كأن معرفة طويلة الأمد تجمعهن بهذا الجمهور الذي لا همَّ لديه سوى أن يتصل بالمذيعة الفلانية ليعبر عن إعجابه بأحدث «لوك» لها، وبسلاسة صوتها، ويهديها أبياتا من الشعر أو قصيدة غزلية. فيما المذيعة تتظاهر بالخجل وتمارس أقصى أنواع الدلال في حركاتها وسكناتها، فتعاتب من لم يتصل منذ زمن طويل، وتجامل من يفضلها على زميلتها التي تشاركها توزيع الإهداء وتكتم ضحكة ساخرة، إذا تلقت - مثلا - عرض زواج على الهواء. وهذا ما يحصل تماماً في برامج الإهداءات.
الخلاصة واضحة تماماً، إن برامج الإهداءات تحولت مسرحاً للتفاهات، ومعظم الاتصالات التي ترد هي من باب المعاكسة وليس الإهداء. وضربت هذه البرامج الرقم القياسي في قلة احترام عقل المشاهد، وتجاهلها لضرورة الارتقاء به إلى حيث يجب، أي إلى مكان يفكر فيه ويستثمر عقله، أو يرفه عن نفسه بطرق مجدية بدلاً من أن يمضي ردحا من الزمن يحاول الاتصال بالمذيعة الجميلة
العدد 1413 - الأربعاء 19 يوليو 2006م الموافق 22 جمادى الآخرة 1427هـ