العدد 1412 - الثلثاء 18 يوليو 2006م الموافق 21 جمادى الآخرة 1427هـ

ماذا بعد انتصار «إسرائيل»؟

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

من غير المستبعد ان يكون القتال الدائر بين حزب الله و«اسرائيل» سيكون آخر حرب تخوضها مجموعة او دولة من خارج فلسطين ضد الدولة اليهودية. وما من شك ان الجميع بات ينظر الى ان نهاية الحرب محسومة لصالح الجيش الاسرائيلي الذي يعد رابع جيش على مستوى العالم لما يملكه من امكانات عسكرية هائلة حصل عليها بفضل دعم اميركي مستمر على مدى سنين طويلة، وان هذا الجيش يقاتل مجموعة مسلحة لا تملك مقومات الجيوش النظامية ولا قدرات عسكرية يمكن ان تقارن بأية دولة في المنطقة فكيف الحال بالقوات الاسرائيلية. وبين هاتين القوتين المتحاربتين يتسلح الاسرائيليون الآن بالاضافة الى قدراتهم الحربية الهائلة بموقف الدول العظمى التي تغض الطرف عدا دولتين او ثلاث عن قصف لبنان وتمنحه غطاء دولياً شرعياً للاستمرار في عدوانه، فيما يعول حزب الله على عقيدة مقاتليه وعدد من الصواريخ لا تقارن بالترسانة الاسرائيلية، وعلى حرية حركته باعتباره قوات غير نظامية بالاضافة الى دعم الشارع العربي العاجز عن عمل أي شيء.

اذا ما ناقشنا كل ذلك بمنطق عقلاني فان النتيجة تبدو محسومة لصالح القوات الاسرائيلية، ولا يبقى سوى أمل وحيد هو ان يكون حزب الله قد حسب الامور بشكل أدق مما هو معلن الآن واستعد لأسوء الاحتمالات والظروف وتهيأ لحرب طويلة قد لا يستطيع الاسرائيليون تحملها. لكن السؤال الاهم هو كيف سيكون حال الدول العربية والاسلامية، ولا سيما دول المنطقة المحاذية او ربما حتى القريبة من «اسرائيل» بعد انتصار جيشها على حزب الله (آخر القوات غير الحكومية القادرة على ايذاء جيش الدولة اليهودية)؟

المسئولون الاسرائيليون بدأوا يتحدثون الآن ان عملياتهم ضد لبنان تأتي في اطار تنفيذ قرار مجلس الأمن ذي الرقم (1559) القاضي «بنزع سلاح الميليشيات في لبنان»، وانهم (أي الاسرائيليين) يمثلون المجتمع الدولي، او بمعنى آخر ان الدولة اليهودية صارت ممثلة للامم المتحدة والناطقة باسمها في المنطقة، أما دول المنطقة التي تقع في نطاق الصواريخ الاسرائيلية فهي من رعايا «اسرائيل» ولها الحق في تطبيق قوانين الدولة اليهودية على شعوب هذه الدول اذا ما فكرت بالقيام بأي عمل قد يستفزها ويستفز مصالحها في المنطقة.

«اسرائيل» الأن بأحسن أحوالها، فالحكومات الغربية بشكل عام مع استمرار العدوان على لبنان، كما ان الشعب الاسرائيلي يؤيد بشكل واضح (على رغم كل ما نشر عن استهداف المدنيين والاطفال في لبنان) حكومته وجيشه لمواصلة العدوان على الشعب اللبناني، اذ ان آخر الاستطلاعات الاسرائيلية تشير الى ان 86 في المئة من الاسرائيليين يعتقدون ان الهجمات التي تشنها «اسرائيل» مبررة، بينما بلغت نسبة الذين طالبوا بوقف القتال وبدء المفاوضات 17 في المئة فقط، وحسب الاستطلاع فان شعبية اولمرت زادت بسبب عدوانه على لبنان.

والسؤال الذي سيظل مفتوحاً كما هي هذه الحرب المفتوحة التي تحرق الأخضر واليابس في صيف لبنان الملتهب، هذا السؤال هو: هل حسبها العرب الرسميون جيداً أي هل حسبوا كيف ستكون المعادلة السياسية في منطقة ما بعد حرب تنتصر فيها - لا قدر الله - آلة الدمار والقتل والحرق الاسرائيلية على آخر ارادات مقاومة الاحتلال الاسرائيلي... هل حسبوها جيداً، من يدري؟. لكن الأهم من هذا السؤال هو التذكير بأن التاريخ لن يرحم والشعوب لن تسامح والاقدار العظيمة تصنعها المواقف الشجاعة وما المقاومة في لبنان عنها ببعيدة

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 1412 - الثلثاء 18 يوليو 2006م الموافق 21 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً