لأجل إعطاء قيمة للمبدع وعدم نكران أهمية الشعر والإبداع قام المخرج الكردي العراقي الشاب سيروان رحيم بتحويل حياة الشاعر الكردي الشهير شيركوبيكه س إلى فيلم سينمائي ضخم، وبإخراج هذا النوع من الفيلم أصبحنا وفجأة أمام تحول آخر في مرآة الإبداع الكردي. الفيلم تدور حوادثه حول حياة الشاعر شيركوبيكه س وتتجول كاميرا المخرج إلى كل الاماكن التي ترك بيكه س لماساته وآثاره.
بدأت كاميرا المخرج في المكان الذي ترك في عمق الشاعر أثراً العميقاً حيث ذكرى الطفولة والصبا السليمانية (كردستان العراق) وإلى «حلبجة» المكان الذي استقرت فيه عائلة «بيكه س» وتحديداً قرب دكان «سورداش»، وشيئاً فشيئاً تسرق الكاميرا الوقت وتنتقل إلى جبال كردستان المكان الذي قبل شيركو أن يكون مقاتلاً من قوافل البيشمركة، فتدخل الكاميرا إلى مغارة «سرد يمان» المشهورة إذ يذكرها كل بيشمركة كردي في كردستان، وفجأة تنتقل الكاميرا إلى أزقة السويد مدينة استكهولم المدينة التي كانت قد احتضنت شيركو كلاجئ وفيما بعد أصبح مواطناً فيها وحاملا جنسيتها. الفيلم الذي تم إخراجه مولته شركة فيلم ملم في ألمانيا وهو بعنوان «فرين» المتحلق بالعربية، وبمهنية عالية صور المخرج سيروان رحيم الاماكن التي لها ذكريات أليمة وحميمة لدى الشاعر، وكيف أن الشاعر بيكه س كان ينظر إلى الحوادث الكردية وإلى مأساة الكرد بدءاً من الأنفال وحلبجة وانتهاء بوظيفته كوزير للثقافة في إقليم كردستان... والغريب وكما كان بيكه س يريد دائماً أن تكون والدته شفيقة لها حضور عند كل مرة ذكر فيها اسمه، فلوالدته شفيقة حضور طاغ في هذا الفيلم عكس والده الشاعر أيضاً إذ لم نجده في الفيلم الذي تكتمل مدته الزمنية (82) دقيقة، ودام مدة تصويره وفترة إخراجه أكثر من (10 اشهر) بدءاً من الربيع الماضي (2005). لغة الفيلم الأصلية اللغة الكردية (اللهجة الصورانية) وبحسب مخرج الفيلم سيترجم إلى اللهجة الكردية غير لهجة بيكه س الصورانية إلى اللهجة الكرمانجية وإلى اللغة التركية والألمانية والإنجليزية والسويدية وسيبثه بالإضافة إلى دور السينما الكردية والاقنية التلفزيونية الكردية الاقنية الأوروبية وتكون ألمانيا هي: «السباقة للبث».
أما لماذا اختار المخرج حياة الشاعر شيركو بيكه س مع ان هناك الكثير من الشعراء لدى الأكراد يقول مخرج الفيلم سيروان رحيم: «أردت أن اعرف المتلقي الأوروبي والشرق الأوسط على كل المراحل التي مر فيها الكرد، كنت أردت أن انقل صورة الكرد من خلال حياة شاعرنا شيركوبيكه س بدءاً من مجزرة حلبجة وحملة الأنفال ومآسي الكرد الأخرى وانتهاء بتمرد الكرد كلنا يعرف ان شيركوبيكه س رفض جائزة «القادسية» من صدام حسين وهذه نقطة مجيدة في حياة الشاعر...
حياة شيركوبيكه س حافلة فهي صورة حقيقية عن صورة الكرد وقد كرس حياته للنضال وانتقل إلى حياة البيشمركة ثم أصبح لاجئاً وقبل كل شيء كان إنساناً يملك شعوراً مرهفاً يترجمه من خلال القلم إلى الأشعار تفوح منها الإنسانية في أقصى درجاتها والنبالة وتقطر عسلاً»، ويقول: «قبل كل شيء هذا الفيلم هو رسالة للمبدع فحواها بأننا يجب ألا نهتم بالمبدع ونقيم له مهرجانات بعد(وحين) موته، أردت أن أنتج هذا الفيلم بسرعة لكي يرى شيركوبيكه س نفسه كيف ان حياته تحولت إلى الفيلم بهذا المعنى انه بمثابة التكريم للمبدع الكردي».
وعن غاية هذا النوع من الفيلم، ولماذا يركز على تلفزيونات ودور السينما الأوروبية يقول رحيم في حواره مع موقع انترنيتي كردي مقره في ألمانيا أفيستا: «الفيلم تحصيل حاصل ورسالة أردت أن انقلها إلى كل المشاهدين بأن الكرد أيضاً يهتمون ويقدرون القلم والشعر وليست كل حياتهم مقتصرة على الهجرة والتشريد وو... نحن نعرف ان المتلقي الأوروبي لا يعرف شيئاً عن الأكراد غير صور الحرب ويعرفونهم على أنهم لاجئون... أريد أن أغير انطباعات وتصورات المتلقي الأوروبي».
بقي القول إن هذا الفيلم هو مؤشر مهم على صعيد التطور الذي يحصل في المشهد الثقافي الكردي، وهو يعطي الابداع الكردي فسحة وبعداً آخر وتجربة أخرى
إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "العدد 1412 - الثلثاء 18 يوليو 2006م الموافق 21 جمادى الآخرة 1427هـ