أود بداية أن أقدم الكثير من الاعتذار لكم جميعاً... وذلك لأني كنت قد وعدتكم بالكتابة في يوم الأمس وإخباركم عن المعاناة والإذلال التي لقيها أبناء البحرين في مطار دمشق الدولي في الجمهورية السورية... لم أتمكن من الكتابة بالأمس لأني كنت منشغلاً بالسفر من عمان في الأردن إلى بريمن في ألمانيا التي وصلتها متأخراً في مساء يوم الاثنين وأنا في حال شديدة من التعب والإرهاق.
واليوم أكتب لأشرح لكم ولجميع المسئولين كيف كان وضع المواطنين البحرينين في مطار دمشق... بداية فإن الباصين (الحليانين) الذين استأجرتهما (مشكورة) سفارتنا في دمشق كان قد وصل الأول منهما قبل الثاني بمدة ليست بالقصيرة، وذلك بسبب تعطل الباص الثاني في نصف الطريق، وكانت شنط نصف ركاب الباص الذي وصل أولاً هي موجودة في الباص الذي تعطل... عندما وصلنا إلى المطار جمعنا شنطنا من وسط الشارع... ومن بين السيارات المتحركة... ومن ثم بحثنا عن لافتة في يد شخص ينتظرنا، فلا وجدنا اللافتة ولا وجدنا الشخص المبعوث من السفارة، وكل حمل شنطته ودخل إلى المطار المملوء عن آخره بالبشر... ناس ذهبت إلى اليسار وناس إلى اليمين وناس واصلت سيرها إلى الأمام وناس خرجت مرة أخرى لتتنفس الهواء.
ذهبت مع عائلتي إلى مكاتب الطيران لكي نسأل عن الطائرة الخاصة التي ستقلنا وترجعنا إلى البحرين سالمين غانمين... مكاتب الطيران جميعها مغلقة، والموجودون في المطار من مسئولين وشرطة ليس لديهم أي علم، فلم يكن أمامنا سوى الاتصال بسفارتنا (نحمد الله بان الرقم كان معنا) السفارة أبلغتنا بأنها سترسل شخصاً لنا، وبعد التي واللتيا وصل الأخ مندوب السفارة الذي كان ضائعاً في المطار... أبلغنا هذا المندوب بأنه لا توجد طائرة خاصة، والحاصل هو أن طيران الخليج ترسل طائرة في الصباح الباكر من كل يوم وهي تحمل البحرينيين (وعلى حسابهم الخاص) وتطير بهم في الساعة الثالثة صباحاً، ومهمته هو فقط تتركز في أن يأخذ تذاكر البحرينيين (بيروت/ بحرين) ويحولها إلى (دمشق/ بحرين)، والمواطن البحريني الذي ليس لديه تذكرة طيران يجب عليه أن يوقع على إقرار بأن يدفع قيمة التذكرة عندما يصل إلى البلاد... خوش كلام... والأكثر من هذا هو أنه يجب علينا أن ننتظر ساعات.
والله خوش كلام... السفارات الأخرى استقبلت مواطنيها في مبانيها الآمنة، ومن ثم نقلتهم مع مندوبين مرافقين وفي باصات مريحة إلى دمشق، ومن ثم أمنت لهم السكن الجيد (ولا نقول ممتاز) ومن ثم نقلتهم إلى أوطانهم بطائرات خاصة... وسفارتنا جمعتنا في الشارع أمام بوابة فندق ومن ثم نقلتنا (وبدون مندوبين مرافقين) وفي باصات حليانة وكحيانة وتتعطل في نصف الطريق إلى مطار دمشق، ومن ثم تركت الجميع يضيع في المطار، وهي تأتي الآن لتقول إن السفر إلى البحرين بواسطة طائرة تأتي بعد عشر ساعات وكل يغادر على حسابه الخاص، والفقير المسكين يوقع على إقرار بدفع المبلغ لاحقاً... عاد هذا كلام؟... طيب وفي ساعات الانتظار هذه أين نذهب؟
هذا سؤال لم يكن لدى موظف السفارة إجابة عليه... اقترحنا بأن يتم فتح قاعة الدرجة الأولى لنا، ومن ثم نذهب ونبحث عن الباقين والضائعين وسط الحشود الكبيرة... تمكن موظف السفارة من إدخالنا إلى قاعة التشريفات (والله والقاعة عاد، كأنها سوق سمك) ومن بعدها اتجه هو للبحث عن المفقودين... أنا وأخي الشيخ أحمد لاحظنا أنه يوجد فندق فذهبنا واستأجرنا (على حسابنا الخاص) الغرف الموجودة والمتاحة في ذلك الوقت لكي نرتاح فيها ويرتاح معنا كبار السن ومرافقوهم ويتمكنوا من استخدام الحمامات بدلاً من تلك الموجودة في قاعة التشريفات (يا محق) والتي لا تصلح.
بعدها تمكنا من جمع كل البحرينيين في القاعة، ومن ثم حضر إلينا الرجل الثاني في سفارة مملكة البحرين في الجمهورية السورية، وأبلغنا تحيات السفير الذي لم يتمكن من الحضور بسبب الإرهاق... استفسرنا منه عن طريقة السفر، وهو أبلغنا بأن التعليمات الصادرة إليه من وزارة الخارجية البحرينية تؤكد أن كل مواطن بحريني يخلى من بيروت إلى مطار دمشق عليه أن ينتظر في المطار حتى يأتيه الفرج من الله وتتكرم طيران الخليج بإرسال طائرة تجارية ومن ثم يعود هذا المواطن إلى بلاده على حسابه الخاص... طيب والمريض والعاجز والكبير في السن كيف ينتظر في المطار؟ وعلى مسئولية من ينتقل في الطائرة؟ نائب السفير ليست لديه أجوبة على ذلك.
هناك مثال جعلني أرفض الركوب في الطائرة المتجهة إلى البحرين... امرأة بحرينية ومعها أمها المريضة والكبيرة في السن رأيتها تبكي لأنها موجودة في المطار لمدة ثلاثة أيام متواصلة، وذلك بسبب رفض قبطان الطائرة اصطحابها من دون تأمين أوكسجين لأمها المريضة، والسفارة ليس لديها حل... مسكينة... أنا رفضت ركوب طائرة على حسابي ولا تحمل المرضى، واتجهت إلى عمان (الأردن) ومنها إلى بريمن (ألمانيا) في رحلة شاقة استغرقت يومين
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1412 - الثلثاء 18 يوليو 2006م الموافق 21 جمادى الآخرة 1427هـ