العدد 1411 - الإثنين 17 يوليو 2006م الموافق 20 جمادى الآخرة 1427هـ

خياران أمام الأمة

عبدالرحمن النعيمي comments [at] alwasatnews.com

أثارت العمليتان البطوليتان للمقاومة الفلسطينية واللبنانية بأسر جنود صهاينة، لا يمكن الشك في أنهم ارتكبوا مجازر في فلسطين، ردود فعل غاضبة لدى المترفين العرب، إذ لن نتحدث عن المجتمع الدولي الذي يضع قضايا الشعوب على طاولة القمار والمناقصات المتبادلة بينهم كما حصل في بطرسبرغ.

والمترفون العرب من بينهم الكثير من المثقفين، وعاظ السلاطين أو من يعتبر معركته مع الإسلاميين، أو حاملي السلاح ضد انظمة القهر والاستبداد والطغيان والأسهم والعقارات ولصوص السواحل والنفط والصفقات المشبوهة والقصور المترفة. حمّلت هذه الردود حركة حماس وحزب الله مسئولية تدهور الاوضاع واعتبروا أن هذه العمليات قد قطعت الطريق على الجهود العظيمة التي يقوم بها النظام الرسمي العربي ليبرهن على حكمته وعقلانيته، لانتزاع الحق العربي!

من حقنا أن نسأل هؤلاء المترفين: ماذا قدموا من مساعدات مالية أو عينية أو مواقف تضامنية حقيقية مع الشعب الفلسطيني أو اللبناني؟ بعضهم يخاف من / أو لا يريد التبرع بفلس بحجة أن الاميركان بالمرصاد لكل التبرعات.. أما الغالبية الساحقة فإنها تتمنى أن يعم السلام الاسرائيلي والاميركي، أي العار، في المنطقة العربية، ليتمكنوا من اصطياد الغانيات في منتجعات طبريا وحيفا مع اخوانهم الصهاينة!

ذلك خيارهم... لكن خيار الامة مختلف... فالغالبية الساحقة من الجماهير التي ترى الهوان والاذلال في اراضيها، والعدوان الصهيوني المتواصل بوحشية قل نظيرها، هذه الجماهير التي لم تحصل على الديمقراطية الموعودة، وتصر انظمتها على السير في طريق التوريث والاستبداد والارهاب الرسمي والملكيات المطلقة، قد ابتهجت بالعمل البطولي للمقاومة في فلسطين ولبنان، ووجدت فيه طريق رد الاعتبار للكرامة والحقوق العربية.

اخطر ما في هذا الاصطفاف هو طأفنة قضية كبرى كالمواجهة مع الصهاينة والاميركان، واعتبار ما تقوم به المقاومة اجندة خارجية.

إلا أن الاشكالية هي أن هؤلاء لا يرون أن «الخارجية» هي الاميركية والأوروبية ومن هم خارج المنطقة، ولا يرون في سورية وإيران إلا اجندة خارجية، مع أنهما دولتان مستهدفتان، ويجب عليهما أن تقوما بدورهما العربي والإسلامي في الوقت ذاته، وهما مجبرتان على الانخراط في مواجهة المشروع الصهيوني والاميركي لحماية نفسيهما .

في مثل هذه المنعطفات الخطيرة، يجب تقويم التفكير، وتأكيد ضرورة وحدة الامة،وضرورة وحدة شعوب المنطقة، من عرب وإيرانيين واتراك واكراد، وتقديم البديل للمشروعات الخارجية التي تريدنا أن نصب في خدمة مشروعها بدلاً من أن نصب في خدمة مشروعاتنا المشتركة. وبالتالي فإن العلاقات بين الشيعة والسنة وجميع طوائف الأمة من غير المسلمين يجب أن تقّوم في الوقت الحاضر، وأن تكون العلاقات الوثيقة بين حماس وحزب الله والجبهة الشعبية نموذجاً لعلاقات القوى المناضلة ضد المشروع، نقتدى بها في البحرين، ولا نرى في المواجهة في لبنان، حرباً ضد الصهاينة تخدم طائفة بعينها!

أما المسألة الثانية فهي العلاقات مع إيران المجاهدة التي تعتبر الكيان الصهيوني كياناً عنصرياً استيطانياً يجب ازالته من الوجود... نلتقي معها في هذا الطرح المنسجم مع قناعاتنا الايدولوجية بأن الحركة الصهيونية حركة عنصرية استيطانية. وبالتالي لابد من تحالف استراتيجي شعبي لدعم صمود المنطقة، وتقويم اعوجاجاتها.

مع المقاومة... كل مواطن يجب أن يتبرع من راتبه... شهرياً فعندما تحتضن الامة هؤلاء الذين يقدمون دماءهم وارواحهم... وندع الثرثارين في المزبلة، فإننا نكون قد وضعنا اقدامنا على الطريق الصحيح

إقرأ أيضا لـ "عبدالرحمن النعيمي"

العدد 1411 - الإثنين 17 يوليو 2006م الموافق 20 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً