العدد 1411 - الإثنين 17 يوليو 2006م الموافق 20 جمادى الآخرة 1427هـ

إعادة هيكلة

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

مع بروز وتنوع الانشطة الصناعية بهدف الاحلال محل الواردات للكثير من السلع والمنتجات تولد شعور لدى الكثير من أصحاب الأنشطة التجارية بأن هذه الأنشطة الوليدة والتي تحظى بدعم وحماية حكوميين قد تؤثر بشكل او بآخر على أنشطتهم التجارية وخصوصاً الاستيرادية، خصوصا ان بعض بلدان دول المجلس لجأت الى اسلوب منع استيراد بعض السلع لفترة زمنية محددة لإعطاء المجال امام المنتج المحلي المماثل لتثبيت مكانه في الأسواق. ولعل هذا الخوف هو ما جعل بعض الفعاليات التجارية ان تظهر عدم التحمس للتوجهات الصناعية المبذولة، والامتناع عن المشاركة فيها، بل وفي بعض الاحيان عدم الممانعة لسياسات الاغراق التي اتبعتها بعض كبريات الشركات الأجنبية في الأسواق الخليجية. لقد خلق هذا الوضع ما يشبه التعارض في المصالح بين القطاعين الصناعي والتجاري، في الوقت الذي يفترض فيه ان يكون هناك تعاون وتنسيق بينهما.

ومع تبلور واشتداد التحديات التي تواجه نماذج التنمية بدول المنطقة، فان جهود تنويع مصادر الدخل أخذت الأولوية وباتت الحاجة اليها مسلمة ما يستدعي وجود تنسيق اكبر واقوى بين انشطة القطاعات الاقتصادية المختلفة، وفي مقدمة هذه القطاعات قطاعا الصناعة والتجارة نظرا إلى الترابط الوشيج بين مستلزمات نجاح كليهما وبالتالي نجاح جهود تنويع مصادر الدخل نفسها. فمن الجانب الاقتصادي المحلي نجد ان الازدهار التجاري لا يمكن ان ينمو ويستمر اذا ما اقتصرت التجارة على النشاط الاستيرادي، وبالتالي على جانب واحد من انشطتها، او انها اكتفت لتصدير المواد الخام. فكلا الاحتمالين يضعان البلد في موقع ضعيف، وتجعله اكثر ارتباطا بالتطورات الخارجية والدولية ويصبح معه متعذرا اتخاذ القرارات الاقتصادية بمعزل عن تلك التطورات.

لذلك فان التكامل والتنسيق بين القطاعين الصناعي والتجاري يعتبران من الضرورات الثابتة لبلوغ مرحلة من النمو الاقتصادي المتوازن والمستديم فالقطاع الصناعي الذي يسعى إلى تسويق منتجاته محليا وخارجيا بحاجة الى قطاع تجاري نشط بجانبه يساعده على تحقيق هذه المهمة، ويعمل على تحسينها وملاءمتها للمتطلبات المتغيرة كونه اكثر اطلاعا وارتباطا باموال الأسواق المحلية والخارجية والانماط الاستهلاكية للمتعاملين فيها.

ان اهمية التنسيق بين القطاعين الصناعي والتجاري تزداد حيوية، بل وتأخذ ابعاداً استراتيجية اعمق عندما ننتقل من مستوى الاقتصاد المحلي الى مستوى التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون خصوصاً والبلدان العربية عموماً. ان من المعروف ان احد الاسباب الرئيسية لضعف التجارة البينية بين دول مجلس التعاون هو ضعف القاعدة الصناعية، وتشابه الهياكل الاقتصادية كونها مصدرة بشكل رئيسي للنفط الخام. ان الحديث عن قيام سوق خليجية مشتركة، وقيام جدار جمركي موحد يبقى فاقداً للكثير من مضامينه الحقيقية في غياب اقتصادات متنوعة الانشطة والانتاج.

لذلك يصبح من الضروري معالجة التناقض الظاهري القائم بين الصناعة والتجارة واحلال التعاون والتنسيق بينهما وذلك من خلال اتخاذ التدابير التي تهدف الى تنمية وتنويع وتكامل القدرات الانتاجية وزيادة الصادرات، والاستفادة من الامكانات الاقتصادية والبشرية الخليجية وهذا يتطلب بدوره قيام اشكال عدة من التعاون مثل التعاون بين القطاعات المنتجة والقطاع التجاري للاستفادة المشتركة من ازدهار الصناعة اقليميا واعطاء القطاع التجاري دوراً رئيسياً في تمثيل وتسويق المنتجات الوطنية وفتح الأسواق الدولية امامها، ما يخلق فرصاً واسعة لتعظيم القيمة المضافة المتولدة محليا والمعاد استثمارها محليا ايضا، ولايجاد فرص اوسع للعمالة الوطنية

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1411 - الإثنين 17 يوليو 2006م الموافق 20 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً