العدد 1411 - الإثنين 17 يوليو 2006م الموافق 20 جمادى الآخرة 1427هـ

كل المدن عالة على بيروت

حسن مرزوقي comments [at] alwasatnews.com

.

«مكسوراً كعصمة من الفخار»

شوقي بزيع

«لا شيء يغرينا لرسم خريطة لبلادنا» لأن بلادنا لا شيء فيها... وبيروت استثناء فوق الخرائط كلها تتبسم...

«بيروت نجمتنا بيروت خيمتنا»... آه كم وددنا لو احترقت هذه القصيدة وكل القصائد... كم وددنا لو ما عادت بيروت نجمتنا وخيمتنا... لكن رسم القصيدة باق ووتد الخيمة هو الوتد.

«لا شيء يغرينا لرسم خريطة لبلادنا»... لأن الدرب الذي يؤدي ولا يؤدي قد حار سالكه... وحينما لا يكون التاريخ عبقاً حقيقياً للمدن تكون بيروت... وحينما لا يكون التاريخ مقاساً حقيقياً للرجال نكون «نحن»...

أيتها المدن المتبرجة على شطآنها... شمطاء أنت... وبيروت البهاء... أيتها العواصم التي تحتكر الله والسقاية والرفادة والغباء... لم تعد القوافل تمر بك استسقاء... القوافل تحط عندك استقصاءً... أيتها الحواضر التي أناخ عندها الوهم والتاريخ معا ورفرفا علماً وطنياً جداً... أيتها الأعلام المنكسة قبل الأوان طال الحداد لديك وانفض العزاء...

أيتها الهامات التي تعبر جسر الخبز اليومي لتصنع ملحمة كان يمكن أن تكون خارج رائحة الخبز... بشذى البارود والشهداء... أيتها المنابر والعمائم والحبر الرخيص والورق المقوى بألسنة الخطباء يوم الجمعة... أيها «الوجه المكرر» في الساحات والباحات والبارات والباصات والأغنيات...

لهذا وبهذا «لا شيء يغرينا لرسم خريطة لبلادنا»... فكعب بيروت عال فوق خط العرض وأما شعر بيروت فبعد خط الطول يطول... وأما بلادنا فالطول طول والعرض عرض لأن الخط حد والحد سد والسد رب والرب قوالب معلبة في الخطب...

بيروت يا من يأتي البحر إليك ومع البحر زبد... أيتها الرشيقة البديعة اللذيذة... سحروك يا بيروت... باتوا يخلطون الأبخرة ويخيطون الطلاسم والأدعية...

حسدوك سحروك خذلوك قتلوك أسلموك وباعوك؟... لا يا بيروت... أنت ما أنت! أنت وعد صادق فينا!... و«لا يفلح الساحر حيث أتى»... أنت رماد أيامنا وبعد الرماد كلام... وأما الذين كروا وفروا ثم فروا وما كروا فهم خفافيش الليل وسفاسف الكلام...

بيروت...! كل المدن عالة على بيروت... كل المدن ضرائر بيروت... كل المدن وصيفات لبيروت... كل المدن مناديل لبيروت لتمسح الدم والعار والغبار... وكل القلوب فناجين لبيروت وكل البحار سراب يا بيروت... أكلت النصر طريا وتركته لنا قديدا...

ولكن...

أنا المسكون بالأيام أمضي إلى زمن وبي زمن عقيم

العدد 1411 - الإثنين 17 يوليو 2006م الموافق 20 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً