مر يوم أمس مشروع قانون مكافحة الإرهاب من دون نقاش في مجلس النواب، وبحسب النائب محمد آل الشيخ، فان هذا أول قانون يمرر على المجلس من دون نقاش داخل المجلس. وعليه، احتج عشرة نواب وانسحبوا من الجلسة. غير أن ذلك لم يؤثر في الموضوع، وتم تمريره، والآن سيكون بيد مجلس الشورى، ومن المتوقع أن يمرر بسرعة البرق أيضا.
مشروع القانون نوقش فقط داخل لجنة الشئون الخارجية والأمن والدفاع، وكان من المفترض أن يطرح للنقاش أيضا في مجلس النواب، خصوصا وان هناك نوابا استعدوا لمناقشة المواد التي تحد من الحريات العامة. فالقانون يخلط تعريف الإرهاب بين أعمال العنف الإجرامية وبين نشاطات مدنية عادية، وهذا يمس الحق الدستوري الذي ينص على حرية التعبير والاجتماع السلمي.
كما ان القانون يحاسب أساساً على النوايا، ويجيز للسلطات أن تلاحق المواطنين وتراقب هواتهم على أساس الظن بأنهم سيمارسون عملا إرهابيا. إضافة إلى ذلك فإن العقوبات المنصوص عليها قاسية جدا، وستحدث مظالم كبرى فيما لو طبقت على أساس الظن، أو أنها اعتمدت تعريفا موسعا للنشاط الإرهابي.
النواب الذين انسحبوا من جلسة الأمس شعروا بأن حقهم الدستوري في مناقشة القوانين المعروضة على المجلس قد سلب منهم، وانه كان حرياً بالمجلس أن يفسح المجال للاستماع إلى آراء النواب الذين حملوا معهم هموم المجتمع والناشطين في مجال حقوق الإنسان.
لقد تحدث الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في مارس/آذار 2005 عن ضرورة اعتماد مبادئ أساسية أثناء سن أي قانون لمكافحة الارهاب. كما انه طرح تعريفا محددا للإرهاب وهو «أي تصرف يشكل إرهابا إذا كان القصد منه التسبب في وفاة مدنيين أو غير محاربين أو إلحاق الأذى الجسماني الجسيم بهم بغرض تخويف مجموعة سكانية أو إجبار حكومة أو منظمة دولية على القيام بأي عمل أو الامتناع عنه». وقال عنان ان استراتيجية مكافحة الإرهاب يجب أن تتمحور حول «إقناع الجماعات الساخطة بالعدول عن اختيار الإرهاب كأسلوب لتحقيق أهدافها وحرمان الإرهابيين من وسائل تنفيذ هجماتهم وإثناء الدول عن دعم الإرهابيين وتطوير قدرات الدول لمنع الإرهاب وأخيرا الدفاع عن حقوق الإنسان في مكافحة الإرهاب».
وأكد عنان في كلمته التاريخية التي ألقاها في العاصمة الاسبانية (مدريد) العام الماضي، إن الإرهاب يمثل هجوما مباشرا على القيم الأساسية التي تنادي بها الأمم المتحدة، وهي «سيادة القانون وحماية المدنيين والاحترام المتبادل بين الناس من مختلف الأديان والثقافات والحل السلمي للنزاع»، معتبراً «ان الإرهابيين يختارون الأساليب الإرهابية لأنهم يعتقدون أن تلك الأساليب فعالة، إلا أنه يجب أن نبين بوضوح وعن طريق جميع السلطات المعنوية والسياسية الممكنة أن الإرهاب غير مقبول تحت أي ظرف من الظروف وفي أية ثقافة». لكنه أضاف ان مكافحة الإرهاب يجب ألا تمس حقوق الانسان، وقال «إن خبراء دوليين في حقوق الإنسان، بمن فيهم خبراء الأمم المتحدة، يجمعون على أن الكثير من التدابير التي تعتمدها الدول حاليا للتصدي للإرهاب تنتهك حقوق الإنسان والحريات الأساسية»، مطالبا بضرورة توافق التدابير مع قوانين حقوق الإنسان الدولية، وهو ما نطالب به وندعو اليه
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1410 - الأحد 16 يوليو 2006م الموافق 19 جمادى الآخرة 1427هـ