العدد 1409 - السبت 15 يوليو 2006م الموافق 18 جمادى الآخرة 1427هـ

حتى لا تصبح كالغراب!

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

قرأت في أحد المقالات يوماً دراسة أجريت على عدد من كبار الشخصيات السياسية النسائية في العالم، لتقيس مدى تأثير تعاطيهن السياسة على تصرفاتهن «الأنثوية»، ووجدت الدراسة تأثيراً واضحاً على هؤلاء السيدات في التصرفات وطرق التفكير، فقد أصبحن أشبه بالرجال منه إلى النساء، ويكفي لكي نقتنع بنتائج هذه الدراسة «ولو جزئياً» أن نعرف أن أبرز الأسماء التي شملتها الدراسة هي مستشارة الأمن القومي الأميركي كوندليزا رايس، ووزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت!

ولا ذنب أو عيب «خلقياً» في هؤلاء النسوة، فالتفسير الذي تقدمه الدراسة هو اضطرار هؤلاء النسوة للتعاطي مع عالم «رجالي» بحت بشكل يومي وشبه مستمر، والتأثر في هذه الحال يعتبر «طبيعياً»، فكلنا نتأثر من بعضنا بعضاً، ومن الطبيعي أن تتأثر المرأة التي تعيش في وسط رجالي بالرجال الذين يحيطون بها، مثلما يتأثر الرجل الذي يعيش في وسط نسائي بالنساء اللاتي يحطن به.

هل المطلوب من المرأة إذاً لكي تتفوق في عالم السياسة أن تتحول إلى «رجل»؟ الإجابة هي طبعاً بالنفي، لأنها باختصار ستنتهي مثل الغراب الذي حاول أن يقلد طريقة الطاووس في المشي، فلم يتمكن من تقليدها، ونسي مشيته الخاصة.

المرأة «أنثى»، في أي موقع وتحت أي مسئولية، بطبيعتها العاطفية، بحنانها المفرط، ودقتها واهتمامها بالتفاصيل، لا عيب في كل ذلك، ليس عليها أن تتحول إلى رجل لكي تنجح في عالم السياسة، لأن تحولها ذاك - بكل بساطة - لن يجعلها أصلاً ناجحة.

كيف يمكن للمرأة أن تصبح «أنثى» في عالم السياسة؟، هل يجب أن تهتم بقضايا المرأة والطفل وتطرحها بقوة؟ البعض يقول إن هذا التصرف سيحصرها في نطاق هذه القضايا التي لا تمس الواقع السياسي الذي تمر به دولها.

لكن، مَنْ قال إن الواقع السياسي وقضايا الشد والجذب، والأخذ والرد هي الأهم، وهي صاحبة الأولوية على الأجندة السياسية، وهي القضايا «ذات العيار الثقيل»؟ مَنْ وضع لها هذا التصنيف منذ البدء، ثم وضع قضايا المرأة والأسرة والطفل والمجتمع على الهامش، معتبراً إياها قضايا ثانوية؟ أليس الهدف من كل مراحل العملية السياسية بادئ ذي بدء هو المجتمع، بما فيه من أسر وأفراد؟

في المقابل، تشدد جميع الناشطات النسائيات في العالم على أن تعمل المرأة إذا وصلت إلى مواقع صنع القرار السياسي لصالح المرأة، وأن تحاول أن تحصل لها على بعض الحقوق. ومرة أخرى يطرح السؤال، أليس لدى المرأة من أولوية إلا قوانين وتشريعات وحقوق المرأة، أليست تمثل الشعب بجميع أفراده، رجالاً ونساءً، وعليها أن تعمل لصالحه؟ ولكن يأتي سؤال آخر، مَنْ سيعمل لصالح قوانين وحقوق المرأة إذاً. فقضايا المرأة والأسرة على رغم كل ما يتبعها من تعقيد وخصوصية وصعوبة، هي قضايا ثانوية بالنسبة إلى الرجل، أما المرأة فمطلوب منها أن تتهرب من معالجة هذه القضايا حتى لا «توصم» بأنها «امرأة»، لا تعرف في عالم السياسة إلا قوانين «الأمومة والحضانة والعنف الأسري».

البعض يقول إن وصول امرأة إلى موقع اتخاذ القرار السياسي، لا يكفي لأن تتخذ فعلاً القرار السياسي، والأهم، لا يكفي لكي تغير أي قانون مرتبط بالمرأة والأسرة والطفل وأياً من قضايا المجتمع. امرأة واحدة في هذا الموقع لا تكفي، لأنها مهما فعلت، ورغماً عنها، ستصبح مثل ذلك الغراب الذي قلد مشية الطاووس. هناك حاجة إلى «كتلة أو كتل نسائية» يجتمعن معاً ويفرضن تغيير قوانين اللعبة

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1409 - السبت 15 يوليو 2006م الموافق 18 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً