العدد 1409 - السبت 15 يوليو 2006م الموافق 18 جمادى الآخرة 1427هـ

تفعيل خيار القضاء على المقاومة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لم يبدأ شهر يوليو/ تموز الجاري إلا والجيش الإسرائيلي يدمر ما كان موجوداً من بنية تحتية متهالكة لقطاع غزة، ويختطف قادة حماس الذين انتخبوا ديمقراطيا، ويفجر المكاتب الحكومية وجامعة أكاديمية، كل ذلك بحجة الرد على اختطاف أحد العسكريين الإسرائيليين.

بعد البدء بتدمير غزة، أعلنت القيادة الإسرائيلية أن هدفها القضاء على الجناح العسكري لحركة حماس من خلال ضربات موجعة، والاجهاز على حركة المقاومة التي تسلمت السلطة الفلسطينية عبر الانتخابات الحرة.

وقبل خمسة أيام انتقلت الحال إلى لبنان، وكأنها نسخة طبق الأصل لما حدث في غزة، ولكن بشراسة أكبر... فبعد اختطاف اثنين من العسكريين الإسرائيليين توجهت آلة الدمار الإسرائيلية إلى كل لبنان، والهدف الذي أعلنته اسرائيل أيضاً هو القضاء على امكانات المقاومة اللبنانية التي يقودها حزب الله.

وبينما تقوم «إسرائيل» بأعمالها الوحشية ضد الفلسطينيين واللبنانيين يقف العال، ومجموعة الدول الثمان، ومعهم الدول العربية والاسلامية مشاهدين وكأنهم غير موجودين على خريطة العالم، ليفسحوا بذلك المجال لتحقيق هدف طالما تحدثت عنه بعض الأوساط الأميركية والإسرائيلية المتطرفة، وهو أن هناك حركتين هما حماس وحزب الله، وأنه يتوجب القضاء عليهما لكي يفسح الطريق لإعادة ترتيب المنطقة بحسب رؤية جديدة.

قبل عامين، طرحت فكرة أخرى في بعض دوائر القرار في واشنطن مفادها أنه بالإمكان التعامل مع «حماس» و«حزب الله» شريطة أن تدخل هاتان المنظمتان العملية السياسية، وأن تتخليا عن إمكاناتهما العسكرية. وعلى رغم معارضة أوساط عدة لمثل هذا الطرح، فإنه فعلاً تحقق لـ «حماس» الوصول إلى موقع القرار عبر صناديق الاقتراع. ولكن ردود الفعل المتشنجة من عدد من العواصم أدت إلى تعطيل المسيرة التي يمكن من خلالها أن تلعب «حماس» دورها استراتيجياً، ولذا استعد الجناح المتطرف في «اسرائيل» وأميركا بانتضار أي عذر للبدء بتنفيذ خيار «القضاء على حركتي المقاومة».

«حماس» تحركت سلمياً ووصلت الى دائرة القرار، والأمر ذاته كان في طريقه إلى أن يتحقق مع «حزب الله »ضمن دوائر الحوار اللبنانية، وكان بالإمكان أيضاً ان يلعب الحزب دوره على الصعيد اللبناني من خلال الوسائل التي يمكن الاتفاق عليها. ولكن تفعيل خيار تدمير المقاومة جاء ليقضي على فكرة تعايش الاطراف الفاعلة مع بعضها البعض. ولقد جاءت عمليات الاختطاف فقط لتعطي المبرر للبدء بتنفيذ هذا الخيار الذي يعتبر مفضلاً على غيره ضمن دوائر نافذة في «إسرائيل» والولايات المتحدة.

الساحة العربية شهدت خلال السنوات الماضية «استثناء» لحال الانهزام والتراجع، وذلك الاستثناء تمثل في صمود حركتين للمقاومة، إحداهما في فلسطين والأخرى في لبنان، ولم تتجرأ أية حكومة عربية على اتهام أي من هاتين المنظمتين بالإرهاب على رغم الضغط الشديد بهذا الاتجاه من قبل الولايات المتحدة وجهات أخرى.

هذا الاستثناء في الحال العربية يمثل مصدر إزعاج للكثيرين، ولذلك فإن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية ما هو إلا تفعيل لأحد الخيارات المطروحة دائماً، وهو القضاء على امكانات المقاومة الموجودة لدى «حماس» و«حزب الله»، لينتهي «الاستثناء» بعد ذلك.

الثمن لتفعيل هذا الخيار مكلف جداً، ولبنان تتقطع أوصاله أمام أعيننا بعد أن كاد يتعافى من سنوات الحرب الأهلية الطاحنة ومن آثار التدمير الإسرائيلي في الحروب الماضية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1409 - السبت 15 يوليو 2006م الموافق 18 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً