العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ

دعوة للتهدئة في أزمة الشرق الأوسط

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

من الخطأ دائماً التعامل مع قضايا الشرق الأوسط في صناديق ضيقة. التوسط المحلي قد يعلق النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الحالي في غزة. لكن لا يمكن إلا لدبلوماسية متجددة حثيثة من قبل الولايات المتحدة والدول العربية و«إسرائيل» للتوصل إلى اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط أن توقف حصول أزمة جديدة.

التصاعد الحالي في الهجمات، الذي بدأ بإطلاق الفلسطينيين الصواريخ من شمال غزة إلى داخل «إسرائيل» وردت «إسرائيل» بتوجيه نيران مدفعيتها على مصادر إطلاق الصواريخ المفترضة، يهدد بافشال التقدم المتوقف أصلاً نحو السلام في المنطقة كلها. وما يزيد الطين بلة أنه بتاريخ 25 يونيو/ حزيران قام مسلحون فلسطينيون بأسر عريف في الجيش الإسرائيلي هو جلعاد شاليت، وهو مازال أسيراً حتى كتابة هذه الكلمات.

رئيس وزراء «إسرائيل» ايهود أولمرت، وهو بعكس من سبقه من رؤساء الوزراء ليس عسكريا متقاعدا، والذي ساند انسحاب القوات الإسرائيلية والمستوطنين من غزة قبل سنة، صامد بشدة. حتى يمكن فرض عودة العريف شاليت سالما أصدر أوامره إلى القوات البرية والجوية والبحرية بتدمير الكهرباء وموارد الماء والطرق ومصادر الطعام وإمدادات الوقود للمدنيين الذين يعانون في غزة، وعددهم 1,4 مليون شخص.

ما يدعي أولمرت وقواته المسلحة بأنه عملية لإنقاذ شاليت يتحول بسرعة إلى ما يراه المراقبون على الأرض أنه جهد حثيث لتدمير «حماس»، الحزب الإسلامي المنتخب الذي يسيطر على السلطة الفلسطينية.

نية أولمرت تدمير «حماس» والسلطة الفلسطينية أضحت واضحة عند اعتقال «إسرائيل» عشرات من أعضاء البرلمان والوزراء في الضفة الغربية، والهجمات الجوية لتدمير منازلهم ومكاتبهم والبنية الأساسية في غزة، والتي يشار إليها بأن «رئاسة الإرهاب» من قبل «إسرائيل».

«إسرائيل» والغرب ترفض التعامل مع سلطة فلسطينية تسيطر عليها «حماس». وقد قطعنا الإمدادات المالية لأن نظام «حماس» التأسيسي يرفض الاعتراف بـ «إسرائيل» أو نبذ العنف في الصراع لإنشاء دولة إسلامية واحدة بدلاً من «إسرائيل». قبل أسر شاليت كانت «حماس» قد اتفقت مع خصمها في السلطة الفلسطينية، «فتح»، على معادلة تحتوي على اعتراف ضمني على الأقل بـ «إسرائيل» وإنشاء دولة فلسطينية إلى جانبها.

لكن فقط بعد نداءات عاجلة من الأمم المتحدة والحكومات الغربية قامت «إسرائيل» ولفترة وجيزة بتعليق حصارها في أحد المعابر إلى غزة في الأول من يوليو/ تموز للسماح بمرور بعض المساعدات الإنسانية. ذلك أنقذ على الأرجح حياة البعض ولكن المساعدة كانت رمزية فقط. المشاركة الأميركية الحاسمة، التي يبدو أن إدارة الرئيس بوش تتجنبها كلما استطاعت، ستكون حتمية لمنع الحرب الساخنة بين حماس و«إسرائيل» من إحراق المنطقة بأسرها.

إضافة إلى التصعيد في غزة، قامت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بطلعات جوية فوق مكان إقامة الرئيس السوري بشار الأسد، لإرهاب سورية، بحسبما قيل، لتسليم زعماء حماس المتطرفين مثل خالد مشعل. جون بولتون، سفير الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة ناشد الحكومة السورية اعتقال مشعل. إلا أن هذه التحركات لم ينتج عنها سوى التصلب في الموقف والرعب المتزايد في العالم المسلم.

عدد الأول من يوليو لمجلة «الأيكونوميست» يقترح أحد أسباب هذه المقاومة والرعب من نوايا الولايات المتحدة و«إسرائيل»: الحركات الإصلاحية العربية التي تشجعها الولايات المتحدة والاعتدال الذي يصاحبها أحيانا آخذة في التضاءل بسرعة. الجماعات الإسلامية جعلت نجم القوى العلمانية يأفل بسرعة في العراق الذي تمزقه الحروب. الإسلاميون ربحوا في استطلاعات الرأي التي جرت أخيراً في السعودية. وعلى رغم القمع البوليسي العنيف للاخوان المسلمين في مصر، وهي الحركة الأم لحماس، فقد فازت بـ 20 في المئة من المقاعد في آخر انتخابات برلمانية في مصر، بالإضافة إلى ذلك فقد حقق الإسلاميون مكاسب سياسية في اليمن والجزائر والسودان والصومال غير العربية. الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي يحث على القضاء على «إسرائيل»، ينضم إلى بن لادن والقاعدة في حث «حماس» ومساعدتها على محاربة «إسرائيل».

انتشار مماثل لنزاعات إسرائيلية فلسطينية سابقة أدت إلى حروب كبيرة في الأعوام ،1956 ،1967 1973 وفي لبنان العام .1982 هذه المرة يجب على اتفاقات السلام الراسخة مع الأردن ومصر أن تستبق حرباً واسعة شاملة. الرئيس المصري حسني مبارك، حليف الولايات المتحدة أرسل رئيس مخابراته عمر سليمان في محاولة لعقد صفقة بين الفصائل الفلسطينية العنيدة التي تريد من «إسرائيل» أن تستبدل ألف أسير من أسراها العشرة آلاف مقابل الإفراج عن الأسير الإسرائيلي شاليت سالماً.

ولكن الولايات المتحدة بحاجة ماسة الآن لأن تمارس التأثير المباشر الحثيث نفسه الذي أدى العام 1980 إلى نبذ منظمة التحرير الفلسطينية للعنف والاعتراف بـ «إسرائيل» والاتصالات المباشرة بين الولايات المتحدة ومنظمة التحرير الفلسطينية ما أدى إلى اتفاقات السلام في أوسلو وواشنطن العام .1993 هذه الاتفاقات و«خريطة الطريق» من أجل السلام التي تلتها تداعت، جزئياً بسبب إهمال واشنطن، بتأثير من سياسات «إسرائيل» المتطرفة وعجز الدبلوماسية العامة الأميركية في العالمين العربي والمسلم.

الرئيس بوش، وخصوصاً الوزيرة كوندوليزا رايس، على رغم البطء الشديد، يظهران بعض التفهم لهذه العناصر. يجب على واشنطن الآن أن تأخذ مبادرة شجاعة لتيسير المعونة الإنسانية للشعب الفلسطيني المعاصر. وعليها أن توفر دعماً قواياً علنياً ظاهراً للعناصر العربية والإسلامية المعتدلة في الأزمة الراهنة. هذا سيضمن فوزاً في «حرب الرئيس بوش على الإرهاب» ويساعد على إعادة جهود السلام العربية الإسرائيلية إلى مجراها.

جون ك. كولي

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً