من عجائبنا نحن العرب التي نمتاز بها ونتفوق فيها على غيرنا من الأمم، أنه حينما يتقلد مسئول عندنا منصبا ما سواء عن طريق التوارث أو بقوة الحديد والنار، فإنه لا يتركه أو يتنازل عنه قيد أنملة ولو أدى ذلك إلى قطع رقبته، بل كلما زاد عمره زاد تمسكه به أكثر، كأنما مرض الخرف (الزهايمر) لا يقتصر على البعد الإنساني بل يتعداه للجانب السياسي.
وحينما تشاء الظروف ويتم خلعه كما يتم خلع الضرس المهترئ، فإنه يعيش ما تبقى من عمره كأنه لايزال في منصبه، فها هو صاحبنا أبو أم المعارك وحامي البوابة الشرقية وبطل القادسية مازال يصر على ذلك ويذيل بياناته ورسائله بـ «رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة المجاهدة» ويصر على مناداته بـ «الرئيس»، كأنما الذي حدث لم يحدث، من إخراجه من حفرته كالفأر المذعور واقتياده للسجن وخضوعه للمحاكمة والمساءلة.
لقد مضت 37 جلسة في محاكمته في «قضية الدجيل» وهو يترنح بين المشاغبة أو الاعتراض أو الصمت أو الإضراب أو المقاطعة، يعمل جاهداً وبمساندة أخيه غير الشقيق برزان التكريتي لعرقلة سير المحاكمة، وكلما قربت نهايتها ازدادت عرقلتهما.
وها هو يغيب عن الجلستين الأخيرتين بحجة افتقار المحكمة «إلى الإجراءات القانونية» وادعائه بوجود «نية مبيتة» للحكم عليه «استجابة لرغبة أميركية»، وكأنه لم تقترف يداه طوال حكمه أية جريمة تذكر.
ولم يكتف هو بمقاطعة المحكمة حتى تبعه محاموه، لكن رئيس المحكمة رؤوف رشيد عبدالرحمن كان أكثر حزماً حينما وجه تحذيره لهم في حال عدم حضورهم بأن الضرر سيلحق بموكليهم، بل أكد أن المحاكمة ستستمر بهم أو من دونهم وان تطلب الأمر انتداب محامين من طرف المحكمة، بما لا يدع شك أن المحاكمة شارفت على إسدال الستار. فإلى ذلك اليوم، ننتظر أن يفيق «الرئيس» من خرفه
إقرأ أيضا لـ "احمد شبيب"العدد 1406 - الأربعاء 12 يوليو 2006م الموافق 15 جمادى الآخرة 1427هـ