تحدثنا أمس عن الصادرات ونكمل المشوار اليوم بالحديث عن الواردات فضلاً عن التجارة البينية مع بعض الدول المختارة فيما يتعلق بنتائج الميزان التجاري للبحرين للعام 2005.

تشير الإحصاءات إلى أن قيمة الواردات ارتفعت بمقدار 550 مليون دينار في العام 2005. وإذا كان هناك من سبب رئيسي فهو بالـتأكيد الواردات النفطية. فقد بلغت قيمة الواردات النفطية 1568 مليون دينار بزيادة قدرها 528 مليون دينار. وعليه شكلت الواردات النفطية 52 في المئة من مجموع الواردات في العام 2005. بالمقارنة مثلت الواردات النفطية 43 في المئة من مجموع الواردات في العام 2004 و 37 في المئة من المجموع في العام 2003. ويسجل في هذا الصدد الأهمية النسبية المتزايدة للقطاع النفطي في الواردات فضلاً عن الصادرات (شكلت الصادرات النفطية نحو ثلاثة أرباع الصادرات في العام الماضي).

النفط المستورد من السعودية

المعروف أن البحرين تستورد النفط الخام من الجارة والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لغرض تكريره إلى منتجات نفطية مثل الديزل وبالتالي تسويقه في الأسواق العالمية. ويرتبط التزايد النسبي المتزايد للواردات النفطية بمسألة ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. يذكر أن البحرين تشتري النفط الخام السعودي بسعر السوق إذ يتم استيراده بواسطة الأنابيب النفطية المنتشرة في مختلف أرجاء البحرين. ويدور حديث عن إمكان تغيير حجم الأنبوب النفطي فضلاً عن خط السير وذلك على خلفية الحاجة إلى التوسع العمراني في المملكة. وكانت تقارير صحافية كشفت النقاب عن دراسة في طور الإعداد بخصوص تغيير خط الأنبوب النفطي بكلفة 100 مليون دولار.

الواردات الأخرى

أما بخصوص الواردات الأخرى، فتستورد البحرين سلعاً رئيسية مثل الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية فضلا عن معدات النقل ومنتجات صناعة الأغذية والمشروبات والتبغ. وقد بلغت قيمة الواردات غير النفطية 1420 مليون دينار في العام 2005 مسجلة ارتفاعاً طفيفاً قدره 21 مليون دينار. كما تبين فإن الزيادة الحقيقية في قيمة الواردات كانت مرتبطة بشكل رئيسي بمسألة استيراد النفط الخام من السعودية لغرض تكريره إلى منتجات نفطية، وكما أسلفنا أيضا فإن البحرين تدفع سعر السوق عند شراء النفط السعودي ما يعني أن الزيادة ارتبطت بارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية.

يبقى أن عدم تسجيل ارتفاع نوعي في قيمة الإيرادات غير النفطية يعني فيما يعني عدم حدوث تقدم نوعي في الدورة الاقتصادية في بلادنا. فارتفاع قيمة الواردات إنما يعكس تنامي الثقة في الاقتصاد المحلي. كما أن ارتفاع الواردات من شأنه الوقوف حائلاً أمام تسجيل زيادة في مستوى التضخم أو غلاء الأسعار إذ إن من شأن ذلك زيادة العرض من السلع والخدمات.

التبادل التجاري

تشير الإحصاءات إلى أن البحرين تتمتع بفائض في علاقاتها التجارية البينية (غير النفطية) في العام 2005 مع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء الإمارات العربية المتحدة. فقد بلغت قيمة الصادرات البحرينية إلى المملكة العربية السعودية 232 مليون دينار فيما بلغت الواردات 133 مليون دينار (لاشك في أن الصورة تكون مغايرة جملة وتفصيلاً في حال احتساب التجارة البينية شاملة الواردات النفطية)، كما صدرت البحرين سلعاً إلى الإمارات بقيمة 54 مليون دينار مقابل ورادات قيمتها 72 مليون دينار. وجاءت قطر في المرتبة الثالثة بين دول مجلس التعاون من حيث التبادل التجاري إذ تم تصدير سلع وخدمات إليها بقيمة 40 مليون دينار مقابل واردات تقدر بنحو 8 ملايين دينار. لكن من المتوقع أن تشهد التجارة البينية بين البلدين الشقيقين ارتفاعاً بعد الانتهاء من تشييد جسر المحبة بعد نحو خمس سنوات. كما تمتعت بفائض تجاري قدره 16 مليون دينار و7 ملايين دينار مع كل من الكويت وعمان على التوالي.

أما بخصوص التعامل التجاري مع الدول الأخرى، وتشير الإحصاءات إلى أن اليابان هي أكبر مصدر للبحرين. إذ بلغت قيمة الواردات من اليابان 152 مليون دينار في العام 2005 لكن في المقابل لم تزد قيمة السلع المصدرة من البحرين إلى اليابان على 30 مليون دينار.

ختاماً، يشكل الفائض التجاري في العام 2005 وقدره 781 مليون دينار نحو 17 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. وتعتبر هذه النسبة مريحة إلى أقصى حد ممكن الأمر الذي يعزز من الملاءة المالية للمملكة. لكن في نهاية المطاف لا مناص من ترجمة الفوائض المالية في الميزان التجاري أو الموازنة العامة (تم تسجيل فائض قدره 257 مليون دينار في العام 2005) إلى تحقيق رفاهية للمواطنين. فتقدم الأمم يقاس بمدى رفاهية مواطنيها