العدد 1406 - الأربعاء 12 يوليو 2006م الموافق 15 جمادى الآخرة 1427هـ

خطاب المعارضة بحاجة إلى تجديد

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لقد آن الأوان لأن تعلن المعارضة البحرينية خطاباً جديداً يتناسب مع تاريخها، ومع الواقع، ومع الطموح المستقبلي. فما لدينا من خطاب انما ورثناه من سنوات القمع عندما كانت قوانين الطوارئ تعمل السوء في البلاد، وجاءت مرحلة الإصلاح ولكن بقي الكثيرون على اللحن المشكك الذي كان يصاحب ما كانت المعارضة تطرحه قبل تلك الفترة. والخشية هي أن يقود عدم تجديد خطاب المعارضة إلى أن نقع في المصائب التي وقعت فيها الشعوب العربية والإسلامية من جراء الشعارات الكبيرة والهتافات الواسعة والمطلقة، ما يخفي أية فرصة للخروج من الأزمات التي مرت بها المنطقة. خطابنا الذي ورثناه يحمل في طياته التشكيك المطلق في كل شيء له علاقة بالسلطة، ولعل هذا كان صحيحاً - بصورة عامة - في الماضي، ولكنه ليس دقيقاً في الفترة التي أعقبت انطلاق مشروع الإصلاح لجلالة الملك في العام 2001. فالمشكلة في خطاب التشكيك انه يركز على العموميات، ومن ثم الإسقاطات المنطلقة من «شعارات أبدية» تتحول مع الزمن إلى نوع من العقيدة الدينية غير القابلة للنقاش بعد أن انعقد القلب عليها.

المشكلة الأكبر في التركيز على التشكيك ان ذلك من شأنه تكبير السلبيات التي تصاحب أي مشروع إصلاحي، وليس ذلك فحسب، وإنما أيضاً يسهل على المستفيدين من تشكيك المعارضة الوصول إلى مآربهم من خلال التقرب من دوائر القرار والانفراد بعرض النصائح والاستشارات، وبالتالي يهيئون البيئة لعودة غير محمودة للأجواء التي سبقت الإصلاح، وفي ذلك يستفيد من يود أن يعيش على حساب آلام الآخرين. انني كنت ومازلت من المقتنعين بأن جلالة الملك جاء بمشروع إصلاحي يستحق المساندة والمناصرة من أجل تغليب الجوانب الايجابية (وهي كثيرة) على الجوانب السلبية التي لا يخلو منها أي مشروع تدريجي للإصلاح، وخصوصاً إذا كان من يقود المسيرة يمسك بأعلى هرم السلطة، وحينها تكون الحسابات معقدة ومختلفة عما تتوقعه المعارضة. إن خطاب المعارضة ينبغي له أن يكون مخلصاً لقواعده، وجزء من ذلك الإخلاص هو عدم تهويل الأمور أو تعكير الأجواء من خلال اعتماد خطاب التشكيك الدائم مع السلطة. ففي نهاية الأمر، فان جميع فئات المعارضة وقواعدها باقون في بلادهم، وسيعيشون مع السلطة ومع من يمثلها من هيئات وجماعات مناصرة بصورة تقليدية لكل ما يأتي من جانب السلطة... والجميع يجب عليهم البحث عن، والإصرار على، كل ما من شأنه تأكيد وتعزيز وتطوير السلم الأهلي. من الصحيح أن هناك انتقادات كثيرة على أداء وممارسات تصدر من هذه الجهة الرسمية أو تلك، ولكن ليس من الصحيح القول إنه لم يتغير شيء في البحرين، أو أن ما حصل إنما كان خدعة، أو أن الأمور مآلها إلى العودة إلى السابق. فهذه قراءات غير دقيقة وهي تؤمن بالنهايات المشؤومة للحياة، ولذلك فإنها لا تصدق أن فرصا للإصلاح والتطوير تتوافر فعلاً للمجتمعات في أزمنة وأمكنة مختلفة، وان على القوى التي نادت بالإصلاح أن تغتنم الفرص للدفع باتجاه المزيد من الإصلاح بدلاً من التبشير بحتمية النهايات المشؤومة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1406 - الأربعاء 12 يوليو 2006م الموافق 15 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً