العدد 1406 - الأربعاء 12 يوليو 2006م الموافق 15 جمادى الآخرة 1427هـ

أغاني الأفلام الجديدة رواج تجاري فقط

مخدرات للعقل... إفساد للذوق العام... أنحطاط للسينما العربية

الغناء في الأفلام ظاهرة ليست بجديدة على السينما العربية، إلا أن هناك بعض التطورات التي طالت هذه النوعية من الأغنيات منذ أفلام «عبدالحليم حافظ، وشادية، وهدى سلطان، ومحمد فوزي، وفريد الأطرش»، مرورا بأفلام «محمد هنيدي، ومحمد سعد، وأحمد رزق» وغيرهم، إلا أن هذا التطور لم يكن تطوراً محموداً بل أصاب السينما العربية في مقتل، فبعد أن كانت الأفلام تحمل أغنيات جميلة رومانسية تشجي قلوب من يسمعها، وكانت تتسق مع السياق الدرامي للفيلم مثل أغنية «ظلموه» في فيلم «الوسادة الخالية»، و«إن كنت ناسي» في فيلم «جعلوني مجرما»، حتى وصلنا إلى «قشطة يابا»، و«أبويا عايز يتجوزني»، و«حمادة يلعب». والمشكلة أن هذه الأغاني تحفظها الأجيال الصغيرة من الأطفال الصغار، وذلك لتفاهة الكلمات وسذاجتها ولسهولتها لديهم، وهذا طبعاً يؤثر على جيل بأكمله في تفكيره وإدراكه للواقع الذي يعيش حوله، والمثير للاشمئزاز أن هذه الأغاني تحمل معاني، وأفكاراً هدامة للمجتمع الذي نعيش فيه، وهذا ما أثارته أغنية «محمد هنيدي» في فيلم «يا أنا يا خالتي»، التي يحكي فيها عن زواجه من والده، والتي حفظها الأطفال ورددوها نتيجة لشعبية هنيدي. والغريب في الأمر أن الفنانين الذين يقدمون هذه الأغاني الهابطة لهم شعبية كبيرة لدى المشاهدين، وهو ما يطرح سؤالاً مهماً وملحاً، لماذا لا يستغلون هذا الحب في تقديم الفن الجيد والهادف؟

ترى لماذا تسيطر التفاهة والسذاجة والانحطاط على أغاني الأفلام عكس ما كان عليه الحال في أفلام أيام زمان؟ هذا هو السؤال، ويجيب عنه الفنان والمنتج سامي العدل ويقول: «إن السبب الرئيسي وراء الأغاني الهابطة التي تحتويها الأفلام هو المنتج، والذي يشترط على الفنان أن يغني، وخصوصا أغاني تافهة وساذجة، تهدف إضحاك الجمهور بقدر الإمكان، ولاستدراجه من خلال تلك الأغاني إلى دور العرض، من خلال ترويج الأغاني، وإذاعتها قبل نزول الفيلم في دور العرض بأيام قليلة، حتى يستقطبوا نسبة عالية من الجمهور، لذلك أصبحت أغاني الأفلام ماركة إعلانية لأي فيلم جديد». وأضاف «بدلا من الإعلان عن الفيلم من خلال الأفيش، أصبحت الأغنية بمثابة الإعلان عنه».

وعن هذه الظاهرة يقول الملحن الكبير حلمي بكر إن تلك الأغاني هابطة في الكلمات والألحان والأداء، وهذا لأنه غير متخصص في الغناء ولأنه يستخف بعقولنا وهو يغني، فضلا عن أنها أغانٍ سطحية، ليست لها علاقة بالفن، ومثلها مثل الأغاني التي تقدم حاليا عن طريق الفيديو كليب، فهما متشابهان في الوضاعة والسوقية.

وعن دور نقابة الموسيقيين تجاه هذا الهبوط الفني المرتبط بالغناء يقول بكر: «يجب أن تهتم بها جيدا ولا تنظر إلى المشاهد الساخنة فقط، ومدى خطورتها على المتلقي، لأن الأغاني السوقية لها تأثير أكبر كثيرا من المشاهد الساخنة». أما الفنان الشاب أحمد رزق، والذي قدم أغنية من هذه النوعية «حمادة يلعب»، باسم الفيلم نفسه الذي عرض في الموسم الصيفي الماضي، فيقول عن هذه التجربة «إنها ليست سيئة بالمرة»، لأنه لم يقل فيها أية كلمات مبتذلة أو سخيفة، ولكنها كانت تعبيراً مختصراً عن فكرة الفيلم. ويضيف انه ليس عيبا أن تكون الأغنية بمثابة إعلان عن الفيلم، طالما قدمها بشكل رشيق وخفيف لا يؤذي الجمهور من جميع الأعمار.

أما المطرب خالد سليم فيقول عن هذه الظاهرة إنها سبب أساسي لنجاح معظم الأفلام الموجودة حاليا، فالأغنية الخفيفة لها جمهورها وتجذب المشاهد إليها بالأذن. واعتبر أن ذلك «شطارة من المنتج والمؤلف والممثل الذي استطاع أن يؤدي الأغنية ويجذب إليه آلاف المشاهدين». وأشار إلى أن تلك النوعية من الأغاني لن تستمر كثيرا وستنتهي سريعا، لأن الجمهور العربي لا يعرف سوى الأصالة.

ومن جانبها، قالت الفنانة الشابة ريهام عبدالغفور- التي أدت أغنية بسيطة من خلال فيلمها «جاي في السريع»- إن الأغنية التي يؤديها الممثل أو الممثلة تأتي بناء على طلب المنتج والمخرج، أما الممثل فليس له دخل في هذا الأمر فهو يؤدي الأغنية ضمن الدور الذي يقدمه في الفيلم. وأوضحت أن «الممثل لا يستطيع أن يغير جملة في السيناريو، وكذلك لا يستطيع أن يخالف أوامر المخرج، لأنه هو المسئول الأول عن العمل عموماً والأغنية التي قدمتها في الفيلم ليست ساذجة وتافهة، وإنما هي بسيطة وخفيفة». وأضافت «الفيلم مدته ساعتان فمن الممكن أن يمل الجمهور، ولكن الأغنية مع الرقص تحد من الملل».

وتقول الناقدة السينمائية ماجدة خير الله: «إن ظاهرة الأغاني في الأفلام العربية تعتبر تكملة لسلسلة الإسفاف التي تمر بها السينما العربية، والمسئول الوحيد عنها هو الرقابة والأجهزة الفنية التي تترك هذه الأغاني وتحذف بعض المشاهد من الأفلام، على رغم أن الأغاني تعتبر بمثابة مخدرات للعقل، واستخفاف بالجمهور، وإفساد الذوق العام له. وأكدت أن هذه الموجة لو استمرت ستكون السبب الرئيسي في تراجع السينما، وانحطاطها في الوطن العربي

العدد 1406 - الأربعاء 12 يوليو 2006م الموافق 15 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً