عادل إمام أكثر ممثل في العالم «طبطبةً» على الفقراء، وذوي الاحتياجات الخاصة، من دون أن يدفع مليماً واحداً! ونماذج إمام في عالمنا العربي من فنانين ورجال أعمال وسياسيين تكاد تتجاوز الاكتفاء الذاتي، وصولاً إلى التصدير إلى العالم وبأرقام خيالية!
ظل العالم يتندّر على الاسكتلنديين، باعتبارهم أبخل خلق الله على الأرض والمريخ أيضاً! لكن لدينا في عالمنا العربي من البخلاء ما يجعل بخلاء اسكتلندا يكتشفون أنهم لم يتعلموا بعد فنون تلك القيمة اللاأخلاقية البغيضة.
يومها كنت حاضراً ضمن مجموعة من الصحافيين أُوكلت إليهم مهمة تغطية زيارة الممثل الكوميدي الأول في العالم العربي عادل إمام لمركز الشيخ راشد، بدبي، وهو مركز يُعنى برعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى احتوائه على جناح لإيواء اليتامى الذين لا عائل لهم، وحالات أخرى. المركز ضمن لوائحه يقرّ تلقي تبرعات من رجال أعمال ومؤسسات وسياسيين، تسهم في أداء دوره الإنساني الكبير. يومها كان إمام يتقاضى أجراً يقدّر بـ 4 ملايين جنيه عن الفيلم، وإنتاجه في العام المذكور وصل إلى فيلمين، عدا عن أجره من عرض مسرحي استمر لسنوات، أي بحسبة حاقد وحاسد و«ولد فقر»: 14 مليون جنيه!
كنا نتوقع وقتها أن يسل إمام «دفتر شيكاته»، لأنه لم يكن مطالباً بأن يسل سيفه لطبيعة هذا الزمن الرخو. لم يحدث ذلك إطلاقاً. كل ما حدث و«للأمانة» كي «يكون المرء صاحب ذمة» أن إمام أمطر نزلاء المركز من الأطفال بالقبلات والطبطبة، في وقت أكثر من قياسي، مع حرص، على التأكد من أن المصورين الصحافيين يقومون بواجبهم كما يجب.
إمام أمطر الأطفال بالقبلات، والمصورون أمطروه بصور لا حصر لها، والنتيجة: ولا مليم دخل خزنة المركز!
وعلى العكس من تلك الصورة، زارت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم المركز نفسه قبل عام أو أكثر، ولم تكتفِ بأمطار من القبلات والطبطبة، وهناك فرق بين أن يقبّل إمام طفلاً، وبين أن تقوم بالأمر نفسه عجرم، لأن قبلة الأخيرة لأي طفل في أي مركز في الدنيا، يمكن أن تمنحه «حصانة» من أي مرض، و«حضانة» خمس نجوم!
عجرم ختمت طقوس تلك المشاعر الإنسانية النبيلة، بمسك الموقف من خلال تبرعها بمبلغ وقدره إلى المركز، مع حرصها قبل ذلك على شراء هدايا لنزلاء المركز.
لا يمكن للمهتمين والمعنيين والقادرين على الوصول إلى المعلومة أن ينسوا مبادئ الحساب والمواقف: الأسخياء من الفنانين والمفكرين والمثقفين العرب الذين يُوقفون جزءاً من مداخيلهم للأعمال الخيرية، أو يتبرعون ولو باليسير مما يملكون بين فترة وأخرى يكادون لا يذكرون. لكن ذلك لا يمنع من الوشاية بالمحسنين منهم، الوشاية في جانبها الداعي إلى: «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون».
محمود حميدة، محمد هنيدي، حسين فهمي، إسعاد يونس، شريهان، نرمين الفقي، كاظم الساهر، خالد الشيخ، خالد عبدالرحمن، عبدالله الرويشد، عبدالمنعم العامري، عبدالحسين عبدالرضا، خالد النفيسي، علي عبدالستار، هيفاء وهبي، راغب علامة، فيفي عبده، حسين الجسمي، عبادي الجوهر، محمد حسنين هيكل، وآخرون.
سفير النوايا الحسنة المعيّن من قبل المنظمة الدولية، لم يبدِ إلى الآن حسن نيته في إزالة الصورة (الواقع) التي تكرّست طويلاً في أذهان المتابعين لأخباره.
هل انتهى الكرم كقيمة أخلاقية عالية ظلّت لزمن فيما يشبه الحكر على العرب؟ البخل والشح العربي الراهن، وضمن صور من الإسراف في مواضع ومواقع ليس هو محلها، يدعو إلى الاستغراب، وخصوصاً في صفوف رجال الأعمال والفنانين الذين لن ينقص من أعمارهم شيء إذا ما أسهموا في تمديد أعمار بشر مهددين بأمراض فتاكة.
اللعنة على مال يُحيل دور صاحبه إلى «خزانة»
العدد 1406 - الأربعاء 12 يوليو 2006م الموافق 15 جمادى الآخرة 1427هـ