العدد 1405 - الثلثاء 11 يوليو 2006م الموافق 14 جمادى الآخرة 1427هـ

«لماذا يجب أن تكون إرنست»... محاولة اعتذار من اوسكار وايلد

منصورة عبد الأمير mansoora.amir [at] alwasatnews.com

لا تكمن أهمية فيلم The Importance of Being Earnest في كونه واحداً من آخر عملين قدمهما المخرج البريطاني أوليفر باركر، قبل توقفه الطويل الذي أمتد 3 أعوام يفترض أن تنتهي قريباً بعرض فيلميه الجديدين اللذين لايزالا في مرحلة المونتاج Fade to Black وThe Little White Horse. كذلك لا تعود تلك الأهمية للوجوه الفنية المهمة التي ظهرت في فيلم العام 2002، وأشهرها ريس ويذرسبون، جودي دينش، كولين فيرث، روبرت ايفرت، وفرانسيس أوكونر. لكن الفيلم الذي أكسب مخرجه وكاتب نصه السينمائي باركر، جائزة أكاديمية السينما البريطانية لأفضل نص مقتبس، يشتق أهميته من اقتباس نصه السينمائي من رواية مسرحية شهيرة كانت لها كثير من التأثيرات على المجتمع الانجليزي نهايات القرن التاسع عشر.

كاتب المسرحية هو الروائي البريطاني الشهير أوسكار وايلد، ألفها في العام 1890 ليقدمها المسرح الانجليزي منذ ذلك العام عدداً لا يحصى من المرات ثم لتقتبسها السينما ولتحولها الى خمس نسخ سينمائية قدمت الأولى منها في العام 1937 بينما جاءت الأخيرة وهي موضع حديثنا اليوم في العام 2002. أول عمل مسرحي لهذه الرواية والذي تم في عام نشرها، امتع الجمهور الانجليزي حينها من خلال 83 عرضاً لم يوقفها سوى الفضائح الأخلاقية لمؤلف الرواية الأم. إذ يذكر أن وايلد الذي كان مثلياً، واجه مشكلات كثيرة مع والد حبيبه الذي كان يحاول الدخول الى المسرح ليلياً لفضح علاقة وايلد الشاذة مع ابنه امام الجمهور الذين يتزايد عددهم ليلة بعد ليلة. الأمر الذي اضطر مالكو المسرح لمنع عرض المسرحية على رغم نجاحها الباهر. المسرحية تلك لم تتسبب في فضيحة صاحبها وحسب بل إنها حاولت، وبجرأة غير مسبوقة، أن تتطرق لبعض الظواهر الاجتماعية التي كان يصعب حتى الاشارة اليها في أي عمل أدبي.

لكن ما يميز عمل باركر هذا، الذي تعرضه قناة الافلام بشبكة شو تايم مساء اليوم والغد، هو التزامه بالرواية الأصلية وأمانة كاتبه الشديدة واتقانه الاقتباس من العمل الأم، وهو أمر لم تفعله السينما الا في نسخة الفيلم الأولى التي قدمت العام 1937. أما نسخة العام 1992 فقد جاءت أقرب الى الاقتباس التافه والضعيف، الذي ابتعد عن القضايا الرئيسية التي تناقشها المسرحية بتركيزه على قصة امرأتين تبحثان عن رجل يدعى ايرنست لتقعان في حبه.

يستعرض باركر في النسخة الجديدة من الفيلم قصة شابين يعيشان في انجلترا 1890 يستخدمان اسماء مستعارة لا وجود لها، دون أن يعلم كل منهما عن الآخر، على رغم الصداقة التي تجمعهما!

يطلق احدهما، وهو جاك الذي يقوم بدوره كولين فيرث، على نفسه اسم ايرنست. وايرنست بالنسبة إليه هو شخصية عابثة مستهترة، يعيش في لندن. يتقمص جاك هذه الشخصية حين يكون في لندن، وحين يحضر حفلاتها الصاخبة ويحاول العبث مع فتياتها الجريئات. أما في منزله في الريف إذ يعيش مع ابنة عمه سيسلي (ريس ويذرسبون) فإن ايرنست هو شقيقه الذي يعيش في لندن ويضطر جاك لزيارته عددا لا يحصى من المرات شهريا، فقط ليتأكد من أن كل شيء على ما يرام، وأن شقيقه لم يتسبب له بمزيد من المشكلات. من جانب آخر تروق عملية التخفي والتقمص هذه لالغي (روبرت ايفرت)، صديق جاك وكاشف اسراره، فيعمل هو الآخر على تقمص شخصية ايرنست ويصبح هو أيرنست آخر، لكن ليس في لندن وفي حفلاتها الصاخبة ، بل في هارتفوردشاير، وتحديداً في منزل جاك وأمام ابنة عمه سيسلي.

لا شيء مميز في حوادث القصة لكن لعله الأداء المميز لأبطالها هو ما جعل منها كوميديا رومانسية راقية، فهة تختلف عن كثير من أعمال الكوميديا الرومانسية التي تكاد تكون خالية من أي مضمون أو هدف. هذا العمل وان لم يكن يعني شيئا اليوم إلا أنه كان يعني الكثير لمشاهديه في ذلك الحين. وباركر، من وجهة نظري، لا يعيد تقديم العمل الآن لأغراض اجتماعية، بل يبدو وكأنها محاولة منه للاعتذار من أوسكار وايلد، لاساءة بيكر (مخرج نسخة العام 1992)

إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"

العدد 1405 - الثلثاء 11 يوليو 2006م الموافق 14 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً