العدد 1405 - الثلثاء 11 يوليو 2006م الموافق 14 جمادى الآخرة 1427هـ

ملتقى البرلمانيات والمعالجة التشريعية الغائبة لحقوق المرأة الانتخابية

فريدة غلام إسماعيل comments [at] alwasatnews.com

انتهى الملتقى الإقليمي للبرلمانيات والقياديات بدول مجلس التعاون الذي عقد في البحرين يومي 4 و5 يوليو/ تموز الجاري بحضور 16 برلمانية من الدول الخليجية والعربية، و20 مرشحة بحرينية للانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة، ومندوبة الاتحاد البرلماني الدولي من دون إضافة تذكر فيما يتعلق بالمعالجة التشريعية لتفعيل حقوق المرأة الانتخابية. وعلى رغم ورود توصية بضرورة مراجعة التشريعات لضمان سلاسة وصول المرأة لتولي المناصب القيادية ضمن التوصيات فإن التغطية الإعلامية لم تبين أن حديثاً مهماً أو جديداً في هذا المضمار قد قيل.

لاشك أن المؤتمرات والفعاليات الإقليمية والعربية والدولية بشأن قضايا المرأة ذات تأثير تراكمي على الوعي الجمعي العام فيما يتعلق بتغيير الاتجاهات تجاه أدوار المرأة، على مستوى النخبة على الأقل، لكن الأهم من عقد المؤتمر أو الفعالية والأهم من التغطية الإعلامية المصاحبة للتسويق المحلي والعالمي، نقول الأهم من ذلك، هو الطرح الذي تتبناه هذه الملتقيات، والرسائل الختامية التي تصدر منها، وهل هي تصب في الاستراتيجيات الوطنية للنهوض بالمرأة وهل تستفيد فعلاً من التجارب السياسية والانتخابية العربية والدولية، وبعد هذه الملتقيات أتتغير الأمور وتبدأ التأثيرات المناصرة للتغيير، أم ترجع حليمة لعادتها القديمة، ويتم تشكيل اللجنة التحضيرية للملتقى المقبل بمعايير أفخم.

لقد بينت التغطية الإعلامية للملتقى أن غالبية الكلام المطروح إن لم يكن كله جاء أوليا يخاطب نساء عاديات لسن قياديات، فالجميع يعرف أن التغيرات السياسية في المنطقة لن تكتمل من دون مشاركة المرأة، وكذلك أن هناك معوقات كثيرة وعلى رأسها الهيمنة الأبوية والتمييز الاجتماعي وهذا كلام اكتشفته الجمعيات والهيئات النسائية منذ فترات طويلة عبر العمل الميداني، لكن ما السبيل للتغيير؟.

وعلى رغم تبني حكومة البحرين، غالبية الدول المشاركة، منهاج عمل بكين منذ المؤتمر العالمي الرابع للمرأة العام 1995، وعلى رغم إصدار المجلس الأعلى للمرأة الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة فلا خطط عملية ايجابية في المجال التشريعي لدعم التمثيل السياسي للمرأة في المجالس المنتخبة في الوقت الذي تتدافع فيه يوميا، عشرات مسودات القوانين الحكومية غير المستعجلة إلى مجلس النواب مع ممارسة الضغط بحجة المصلحة المجتمعية. ألا يعتبر إصلاح الخلل في قانون الانتخاب وضمان تمثيل المرأة السياسي مصلحة مجتمعية أيضا، أم أن زمن النساء لم يحن بعد. نعم حكومتنا تبنت منهاج عمل بيجين الذي حددت فيه الأمم المتحدة نسبة 30 في المئة لتمثيل النساء في البرلمان كحد أدنى، و طالبت به كل الحكومات «مراجعة التأثير المتغير للنظم الانتخابية على التمثيل السياسي للمرأة في الهيئات المنتخبة، والنظر عند الاقتضاء في تعديل هذه النظم وإصلاحها»، وعلى رغم ذلك فإننا نجد جهدا بحرينيا رسميا يذكر عبر الهيئات الرسمية أو النائبات المعينات في مجلس الشورى في هذا الاتجاه. وباتت المطالبة بالكوتا مسألة منحة مشوهة لإشاعة أنها غير دستورية، وفي الوقت ذاته لم تعرض تجارب التغيير التشريعي في الأنظمة الانتخابية وقوانين الانتخابات التي بمقتضاها تصبح الكوتا دستورية. ولعل في هذا تساؤلاً مشروعاً إن أردنا العمل بالروح الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة، وخصوصاً أن النساء في الجانبين الأهلي والرسمي يدركن حجم التمييز الاجتماعي ضدهن مع فارق أن الفريق الرسمي لديه أدوات وإمكانات الوصول حيثما يشاء والأهلي لا يمتلك ولا يستطيع.

اليوم لا نتكلم عن كوتا بحتة، بل عن إصلاح نظم وقوانين الانتخاب لتتماشى والمعايير الدولية وما جاء في منهاج بيجين، نتحدث عن نظام التمثيل النسبي الذي يعكس التركيبة المجتمعية وقوى الحراك السياسي بنسبة عادلة، نتحدث عن الدوائر الكبيرة وعن قوائم التنظيمات أو التكتلات السياسية وعن نسب للمرأة على هذه القوائم، ولنا في التجربة الأردنية خير دليل . فوثيقة المرأة الأردنية التي أطلقت في يونيو/ حزيران 2003 تطرح حلولاً عملية لتصحيح الخلل في تمثيل المرأة السياسي في الأردن، وتحدد في مجال تعديل قانون الانتخاب المطالب الآتية: أ - إلغاء قاعدة الصوت الواحد وإقرار تعديلات تسمح بالتصويت على أساس القائمة وتؤدي إلى تمثيل أكثر عدالة وتسهم في تحقيق التنمية السياسية. ب- إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بصورة عادلة بحيث يتناسب عدد مقاعد كل دائرة مع عدد سكانها. ج - النص على وجوب ألا يقل نسبة تمثيل أي من الجنسين عن 30 في المئة وفقاً لما التزم به الأردن دولياً. د - رفع القيود المفروضة على حق المواطن في ترشيح نفسه عن أية دائرة من دون قيود تتعلق بالعرق والطائفة والمنبت والجنس، اعتمادا على مبدأ المواطنة؛ وخصوصاً أن التمييز المبني على هذه الأسس يتناقض مع مبدأ المساواة ومع مبادئ حقوق الإنسان. هـ - تمكين الناخب من ممارسة حق الاقتراع في الدائرة التي يشاء شريطة ممارسة هذا الحق مرة واحدة. و - الاعتراف بحق هيئات المجتمع المدني في الرقابة على العملية الانتخابية وتشجيع هذا الدور.

بالإضافة إلى مطالبات الأردن هناك نتائج التجربة الأفغانية التي دخلت بمقتضاها 68 امرأة برلمان 2005، بعد إقرار دستور 2004 تمثيل المرأة في البرلمان بمعدل امرأتان على الأقل من المحافظات الـ (34) كحد أدنى وبنسبة 27 في المئة من المقاعد، كذلك أسفرت حملة النساء في اندونيسيا للمطالبة بنظام الحصة النسائية في العام 2001 عن تعديل قانون الانتخاب بالمادة 65 الفقرة (1) الذي حث كل حزب سياسي على ترشيح النساء للانتخابات المجلس التشريعي، والمجالس التشريعية على مستوى المحافظات، والمجالس البلدية باعتبار نسبة تبلغ 30 في المئة كحد أدنى، وفي انتخابات 2004 الأخيرة طبق القانون ودخلت 61 امرأة البرلمان من أصل 550 نائبا بنسبة 111 في المئة.

إن تجارب من هذا النوع وغيرها من التجارب الكثيرة الناجحة هي ما تحتاج النساء لمعرفتها في الملتقيات علها تظهر بفكرة أو تنشئ حركة، ويبقى أن بعض التوصيات التي أوردها الملتقى جيدة وأهمها ضرورة إقامة الشبكات بين النساء بغرض التعلم والتغيير وإيجاد آليات للتعاون بين البرلمانيات والمعينات ومؤسسات المجتمع المدني وخصوصاً الجمعيات النسائية

إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"

العدد 1405 - الثلثاء 11 يوليو 2006م الموافق 14 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً