نعم، من الآن فقد هلت علينا عجائب شهر رجب المليء بالغرائب والعجائب وأنه سيطل علينا قريباً ولكننا نعيش من الآن تهيئة نفسية تتناسب مع ما يشتهر به الشهر من عجب وعجاب، فالحكومة وما أدراك ما الحكومة تخفي في جعبتها الكثير من الغرائب والعجائب التي يدهش لها المراقب بل القاصي والداني، فبقدرة القادر الواحد الأحد وبقرار من مجلس الوزراء يتم تكليف وزارة شئون البلديات والزراعة الأسبوع الماضي بتسيير الشئون المتعلقة بالعمل البلدي ومن دون سابق إنذار ولا من سمع ولا من رأى، إلى أن يتم انتخاب مجالس بلدية جديدة في الدورة الثانية، وببساطة شديدة، ويبدو أنه فعلاً قد انتهت لتوها الدورة التدريبية لوزارة شئون البلديات والزراعة لإدارة المجالس البلدية الخمسة من الآن وحتى انتخاب مجالس أخرى، على رغم أنه إلى الآن لم يحدد بعد موعد الانتخابات البلدية الآتية وكان أولى بالحكومة بذل قصارى جهدها والعمل على تحديد موعد للانتخابات والإعلان عنها بدلا من توقيف عملها بشكل مفاجئ والسكوت عن موعد الانتخابات، والواضح أنه تطول وبالتالي تتعطل مصالح الناس، وكأن الحكومة تعترف وتقر بأنه لا أهمية تذكر لوجود المجالس البلدية، وأن وزارة شئون البلديات والزراعة لهي كفيلة بإدارة شئون المجالس البلدية الخمسة فكيف لا وهي من عرقلة عمل المجالس البلدية طوال الأربع سنوات الماضية وكانما هي من تمثل المواطنين.
على رغم أن معظم المجالس البلدية عقدت أولى جلساتها في شهر سبتمبر/ أيلول 2002 وعليه فإنه من حق المجلس الاستمرار في عمله حتى سبتمبر 2006، نلاحظ أنه يحق للمجلس الاستمرار حتى شهر سبتمبر يعني ذلك أنه قد تسبب القرار في تعطيل عمل المجالس البلدية شهرين على أقل تقدير.
المفارقة الغريبة التي نعيش أصداءها وأجواءها ونحن في شهر جمادى الآخر وتبشر لنا بشهر تالي مليء بالعجائب والغرائب، انه العكس تماما يحصل في الغرفة التشريعية الأخرى (المجلس النيابي)، إذ إن المشهد يبشر بأن المجلس سيمدد نظراً إلى رغبة الحكومة في إقرار الكثير من القوانين والتشريعات من المجلس النيابي الحالي قد يصل عددها كما أشارت إحدى الصحف إلى 55 أو ربما يضرب العدد في اثنين لا أحد يعلم سوى الله والحكومة العقل المدبر، بل تصر على مزاحمة عمل النواب بصفة الاستعجال وهذا ما حصل فعلاً بالنسبة إلى موازنة الحكومة إذ ضغطت على النواب الانتهاء منها في غضون 15 يوما ولم يكن من النواب سوى السمع والطاعة طبعا، على رغم أن صلاحية المجلس قانونيا ستستمر حتى 14 سبتمبر 2006 فإنه من المتوقع أن يمدد له؛ ليتمكن من الانتهاء من المهمات المنوط به تمرير ما تبتغيه الحكومة من قوانين وتشريعات مستعجلة تضر لا تنفع وتؤجج لا تهدأ، تحسبا من التركيبة النيابية القادمة التي يتوقع أن تشاكس وتشاغب الحكومة، وبالتالي تعد العدة من الآن قبل أن يحمى الوطيس، حينها لا ينفع الصوت، فهناك أكوام وحزم من القوانين بانتظار المجلس لإقرارها، حينها يا جماعة الخير أبشروا بسيل عزيز لا ينضب من المسرحيات الكوميدية المجانية التي في طريقها إليكم فكلما تعرضوا نوابنا الكرام إلى ضغط من الحكومة كلما انفلتت أعصابهم وصعب السيطرة عليها و النتيجة «هوشات» و«لكمات» و«سباب» بالجملة وكلمات مبتذلة، والقادم أسوأ فحرارة الجو أيضا عامل مساعد، نأمل أن تنتهي الدورة بسلام قبل أن يتطور الوضع وتسخن الأجواء أكثر فيضطر حينها النواب إلى استخدام ما يستخدمه لاعبون كرة القدم في تعاملهم مع الكرة فليس بغريب أن تتصدر الصحف المحلية في جلسات الصيف وبمناسبة كأس العالم ركلات ترجيحية، واضح جداً أن النواب لم يكونوا اجتماعيين بالمعنى المطلوب فلم يألفوا بعضهم بعضاً إلى الآن على رغم الأربع سنوات العجاف وعلى رغم الصولات والجولات.
على رغم أن المجالس البلدية تشكلت في شهر مايو/ أيار 2002 والمجلس النيابي تشكل في أكتوبر/ تشرين الاول 2002 نلاحظ أن البلدي سبق النيابي، وعلى رغم مشاركة القوى السياسية بما فيها المقاطعة، فإنه من الواضح جداً نوعية المعاملة والتعامل التي تعاملها الحكومة للمجالس البلدية مختلفة تماماً، وواضحة جداً، كان الأحرى بالحكومة أن تسمح لأعضاء المجالس البلدية بالاستمرار في عملهم إلى حيث انتخاب أعضاء جدد خصوصا أن طبيعة عملهم تنصب في الأساس على تقديم الخدمات إلى الناس، والناس كما نعلم لا تستغني ولا تعيش بلا خدمات، بعكس النيابي الذي يعتمد عمله بالدرجة الأساس على التشريع التي يحتاج إلى وقت لدراستها لا إلى برهة من الزمن لسلقها وحتى السلق يا جماعة يحتاج إلى وقت، ولكن يبدو أن الحكومة لا تريد للنواب أن يكونوا مشرعين وإنما كل ما تريده أن تختزل عملهم في البصم بالعشر على ما تقدمه إليهم من قوانين وتشريعات مستعجلة، وتجاملهم بين الفينة والأخرى بأنهم خبراء ومتخصصون بدليل إنجازهم السريع لموازنة الحكومة التي تتضمن 70 ملفاً في 15 يوماً فقط يا للهول، بهدف ترطيب الأجواء ولكسب المعركة، ألم أقل لكم عش رجبا ترى عجبا؟ لنتذكر إذاً...
نعلم أيضا أن السر من وراء تحول سير عمل المجلس النيابي من صفر في التشريع إلى رقم صعب هو أنه في البداية أرادات الحكومة أن ترسل رسالة سريعة إلى المقاطعين بأن قراركم للمقاطعة كان صحيحا بدليل عدم نجاح المجلس الحالي وعليكم بالاستمرار في موقفكم، ولكن موقف الحكومة تبدل من جديد عندما أعلن المقاطعون قرار مشاركتهم في الدورة القادمة أرادت من الآن أن ترسل رسالة بأن وجودكم أيضا في الدورة القادمة لن يكون مجدياً بدليل أنه أفرغت الدورة من محتواها من الآن من خلال استعجال القوانين والتشريعات إلى المجلس الحالي وحرمان المجلس القادم من إيصال رؤيته للكثير من القوانين المفصلية كقانون الإرهاب والتجمعات والجنسية وغيرها من أمور، القوى السياسية بدورها ترسل رسالة إلى الحكومة وتشكرها جزيل الشكر على إزالة القناع عن وجهها فقد بدت ملامحها واضحة جدا، شكرا الرسالة وصلت وفهمت
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1404 - الإثنين 10 يوليو 2006م الموافق 13 جمادى الآخرة 1427هـ