نهر دجلة يقسم العاصمة العراقية الى جزئين الغربي منها يسمى كرخ والشرقي رصافة.

كان غرب بغداد أصل العاصمة التي بنى عليها أبوجعفر المنصور مدينته المدورة، فيما كان الشرق ملاذا للفقراء والمحتاجين وأيضا الشطار والعيارين ممن تتجنبهم الدولة وتتحاشاهم.

ولان الانجليز بعد احتلال العراق اختاروا الكرخ مقرا للحكم بدلاً من الرصافة التي كان فيها مقر الوالي العثماني، دأبت الأنظمة التي أعقبت الاحتلال على اختيار الكرخ مركزا لها، لكن النظام السابق زاد على ذلك عندما حاول ان يوطن أهل السنة في الكرخ في محاولة لما كان يظنه نوعا من انواع الحماية الطائفية، ربما لان الرصافة كانت ملاذ النازحين من جنوب العراق. وعلى رغم كل ما حصل فإن المجتمع العراقي عموماً والبغدادي منه خصوصاً كان متماسكا لا يهتم بما تقوم به الدولة آنذاك.

الآن ومع الفرز الطائفي الذي يعيشه العراق، تحولت بغداد الى مدينة مقسمة حسب المناطق والاحياء والازقة. ويطيب لبعض الطائفيين ومن خلفهم الجماعات المسلحة ان يفرز الكرخ سنيا والرصافة شيعيا، على رغم التداخل الحاصل بينهما.

ومع هذا الفرز صار من الطبيعي ان تسمع ما يثير الحزن مرة والسخرية مرات، الحزن مصدره ان تتحول مناطق متداخلة الى جبهات حرب، والسخرية هي ان تضطر الى الاستماع الى من يحاول ان «يدربك» على التخلص من الاعتقال أو القتل في المنزل أو الطريق.

يحدثني احد زملائي خلال زيارتي الاخيرة للعراق عن الاساليب التي يتبعها البغداديون الآن للحفاظ على حياتهم.

تقول هذه النصائح لمن يريد ان يزور بغداد:

1- احفظ المناسبات الدينية بالكامل (السني يحفظ مناسبات الشيعة والشيعي يحفظ مناسبات السنة).

2- تمرن على تقمص شخصية المذهب الآخر وحاول أن تحصل على هوية تحمل لقبا من غير الالقاب المعروفة عن مذهبك.

3- احفظ تسلسل الائمة الاثني عشر ان كنت سنيا، واحفظ أسماء الصحابة ان كنت شيعيا.

4- تعلم الصلاة على الطريقة السنية ان كنت من «محبي آل البيت»، وتعلم الصلاة على الطريقة الشيعية ان كنت «من أهل السنة والجماعة»، لكن أيضاً لا تنس ان تحمل في جيبك «تربة».

5- ان كنت سنيا احتفظ في منزلك بأكثر من «تربة» في أماكن ظاهرة، وارفع ان اقتضى الأمر علما أسود أو أخضر على سطح دارك، اما اذا كنت شيعيا فضع في مكان قريب منك كتب ابن تيمية وسيدقطب والصحيحين، على أن تستطيع اظهارهما متى شئت.

6- احتفظ في هاتفك النقال بـ «لطمية» أو بأحد أدعية الصحيفة السجادية ان كنت سنيا، اما اذا كنت شيعيا فلا تنس ان تضع تصويرا لاحدى معارك الفلوجة.

7- ان كنت سنيا لا بأس من الادعاء ان اقتضى الأمر أنك قرأت كتاب «ثم اهتديت للتيجاني» واتبعت منهج آل البيت، اما اذا كنت شيعيا فلا مانع من القول انك كنت شيعيا لكن (هداك الله) الى منهج الصحابة والتابعين.

علمني محدثي كل النصائح، لكنه لم يجب على سؤال: كيف يمكن أن تتعرف على مذهب الجماعة المسلحة ان كانوا سنة ام شيعة؟!

اعتقد حينها تكون النصيحة المناسبة هي: أن تقرأوا الشهادتين