توجهنا قبل بضعة أسابيع إلى مقر جامعة البحرين في الصخير - قبل أن تدخل الجامعة بياتها الصيفي - بهدف التسجيل لمقرر التدريب العملي الذي كان من المتاح للطلبة استغلال إجازة الصيف الإجبارية للحصول عليه، نظراً إلى أن الجامعة لا ترتبط مع الطالب سوى بدفع رسم تسجيل المادة، وتتكفل الجهة المعنية بالطالب وبجميع الأمور الأخرى من تدريبه وإعطائه المحاضرات التي يستلزمها تدريبه.
طرقنا باب مبنى القبول والتسجيل، ذلك المبنى الحديث الراقي في تصميمه، الراقي (عكساً) في معاملته للطلبة، وطلبنا طباعة الجدول كي نتمكن من إتمام الإجراءات، فطلبت منا الموظفة ذات الأسلوب الراقي (عكساً) أن نتوجه للدفع لدى المحاسب، ولمن لا يعي التعقيد، فهذا المحاسب يبعد عن مبنى القبول والتسجيل (الراقي وحديث الإنشاء) مسافة يقدر المشي فيها بـ 7 إلى 10 دقائق، وهذه المدة في جو البحرين المشابه لجو سويسرا قد تصبح أشق على الطالب من أي شيء، وخصوصا أن العملية التي تتم هناك لا تتجاوز دفع مبلغ وطباعة رصيد! ثم يعود الطالب بعدها للمبنى الأول، الذي كان بالإمكان وضع (كيشر) فيه يأخذ المبلغ ويختم الجدول و (يا دار ما دخلك شر).
ولمن لا يعي التعقيد نضيف له ما يلي، فقد كنا في طريق عودتنا من المحاسب، وصادفنا طالباً تعلو وجهه علامات (أم الديفان) يحمل ورقة انسحاب من الجامعة، فاستوقفنا وسأل: أين يمكنني العثور على قسم الشئون المالية؟ فأبصرنا ورقته التي كانت تحمل خمسة مربعات، وهي لجهات في الجامعة عليها أن تختم على هذه الورقة بأنها تخلي سبيل هذا الطالب من أية مسئولية، وهي (المالية، الأمن، المكتبة، قسم القبول والتسجيل، الشئون الطلابية).
ومن جديد، ولمن لا يعي التعقيد، فكل قسم من هذه الأقسام يبعد عن القسم الآخر مسافة لا بأس بها، ولا بأس أيضا من قضاء هذه المشاوير تحت شمس البحرين المحرقة، إلا أن وجه ذلك الطالب المسكين الذي لا يريد شيئاً سوى أن تخلو سبيله وتدعوه يذهب لوجه الله، قد كان سببا لنا كي نسأل عن سر كل هذا التعقيد، فأجهزة الحاسب الآلي والشبكات متوافرة في كل مكان في أنحاء الجامعة، ألا يمكننا أن ننهي إجراءات الطالب من دون أن نذل كرامته في قضاء المشاوير التافهة تحت الشمس المحرقة، بينما الموظفون ينعمون بالمكيفات ومع ذلك يفضلون استقبال الطالب بالتكشير وكأنما هم من قطعوا تلك المشاوير تحت الشمس؟
إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"العدد 1403 - الأحد 09 يوليو 2006م الموافق 12 جمادى الآخرة 1427هـ