العدد 1403 - الأحد 09 يوليو 2006م الموافق 12 جمادى الآخرة 1427هـ

«الإسهال» في إصدار القوانين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لأن الإنسان مدني بطبعه، فانه يحتاج إلى أن يعيش مع غيره من بني البشر، ولأن هذه المجموعة البشرية لديها شئون مشتركة فإنها بحاجة إلى قواعد لضبط التعامل مع المحافظة على الجوانب الإنسانية - المدنية ما بين هذه المجموعة البشرية، وهذه القواعد تسمى «قانونا». الإنسان لديه طبع آخر أيضاً، هو انه يتجه إلى الأنانية وإذا ترك الأمر لأنانيته فإنه يصدر قوانين لتغليب مصلحته أو مصلحة الفئة التي ينتمي إليها ويتجه نحو الدكتاتورية غير أنه من المفترض أن يصدر القوانين لتنظيم العلاقات بين المجموعة البشرية على أساس عادل ومن أجل الصالح العام.

وطريقة سن القواعد المنظمة للعلاقات بين أفراد المجتمع تطورت مع الزمن، ووصلت البشرية إلى أسلوب العمل البرلماني، إذ يتم انتخاب مجموعة من الناس تمثل المجتمع بصورة عادلة، على ان يقوم ممثلو المجتمع بإصدار القواعد التنظيمية للمجتمع (القوانين) بهدف خدمة مصالح المجتمع أولاً وأخيراً.

وعليه، فإن العمل البرلماني الذي يحدد طريقة انتخاب ممثلي المجتمع بصورة عادلة، وطريقة اصدار القوانين يشكل علامة بارزة في صحة هذا المجتمع أو ذاك، ويعتبر مؤشراً على مدى تقدم هذه المجموعة البشرية عن غيرها من المجموعات الأخرى.

واستخدمت تعبير «صحة المجتمع» بصورة مجازية، لأننا شاهدنا في منتصف العام 2006 «إسهالاً» شديداً من قبل البرلمان في إصدار القوانين، وهو «إسهال» يشبه ما حدث في العام 2002 قبيل بدء الحياة البرلمانية عندما كانت الحكومة تلعب دور السلطة التشريعية، وقامت باصدار نحو ستين قانونا بالجملة.

وتعبير «الاسهال» استعرته من أحد نوابنا الكرام الذي أشار في حديث معه «يبدو أننا مصابون هذه الأيام بالإسهال وسنصدر قوانين كثيرة»... وهذا الإسهال ربما يكون ردة فعل على «الامساك»، لأن البرلمان الحالي لم تتحرك ماكنته لمدة عامين ولم يصدر أي قانون من اقتراحه، واعتقدنا في الصحافة أنه إما في غيبوبة أو أن القوانين يتم تجميدها عندما تصل إلى الحكومة للمراجعة.

ولربما ان البرلمان يريد ان يعوضنا عن امساكه السابق بإسهاله الحالي، بحيث عندما تحتسب مجموعة القوانين خلال أربع سنوات تبدو وكأنها مناسبة... هذا طبعاً إذا لم نشر إلى الإصدار الهائل للقوانين الذي حصل في الأيام الأخيرة وفي كثير من الأحيان بصفة مستعجلة.

أملنا ان يعيد النظر اعزاؤنا اعضاء البرلمان في طريقة تعاملهم مع إصدار القوانين، فنحن لا نريد الامساك، كما لا نريد الإسهال، وانما نبتغي قوانين تنشر العدل بين الناس وتنظم علاقاتنا فيما بيننا من اجل الصالح العام، وان تكون جميع هذه القوانين ملتزمة بحقوق الانسان وبالمبادئ التوافقية التي انطلقت مع المشروع الاصلاحي منذ العام 2001، ذلك لأن القانون له صفة الالزام، والبرلمانيون قد يجدون ان بعض القوانين تطبق عليهم مستقبلاً، وحينها ربما يندمون لأنهم لم يفحصوا ولم يتدبروا امرهم كما ينبغي

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1403 - الأحد 09 يوليو 2006م الموافق 12 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً