ما القاسم المشترك بين هدى الفلسطينية وعبير العراقية؟!... طبعاً، السخط والغضب على أسوأ احتلالين في العالم، الإسرائيلي في فلسطين والأميركي في العراق.
في فلسطين لاتزال صورة الطفلة هدى غالية وعائلتها المذبوحة على شاطئ البحر في ذروة نزهة دموية عالقة في الأذهان، ولاتزال للصرخة المدوية التي أطلقتها هدى رجع صدى يقض مضاجع الناس كل الناس. أما في العراق، فللمرء أن يذهب بعيداً في خياله، وهو يتأمل عبير الطفلة العراقية ابنة الخمسة عشر ربيعاً، وقد مزق جنود «المارينز» جسدها الطري بعد أن اغتصبوا طفولتها وأشعلوا النار فيها وحطموا بالرصاص جماجم أبيها وأمها وشقيقتها.
صدمة كبيرة لا يمكن أن يتجاوزها النسيان، تلك التي تراود المرء وهو يستمع إلى تفاصيل القصتين. ولعل ما يزيد من حدة الصدمة هو ما يشهده العالم، وخصوصاً العربي من تحركات دبلوماسية واستخباراتية للإفراج عن جندي «إسرائيل» المخطوف، الأمر الذي يثير المزيد من الألم والندم إزاء تجاهل العالم (لنا العرب) لمأساة بحجم الشعب العراقي والفلسطيني وسعيه لاهثاً وراء أزمة «فرد».
حتى اللحظة لم نسمع من الرئيس الأميركي أو حتى الروسي أو أي طرف أوروبي أي تعبير ولو بسيط لما حدث للطفلتين هدى أو عبير، والمصيبة الأعظم هو التجاهل العربي لمأساة الشعب العراقي الحقيقية والتدهور الأمني المتواصل. فماذا لو كانت عبير أو هدى تحملان الجنسية الأميركية أو الإسرائيلية ربما ستكون الحادثة حينها بمساحة قائمة «الهولوكست»، لكن الوضع يختلف عندما تكون عراقية أو فلسطينية باعتبار الدم العربي أصبح رخيصاً لدى العالم أجمع حتى قادتنا. ربما حان الوقت لتحرك عربي لوضع حد للتجاوزات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط بحكم أن التحقيقات التي تجريها واشنطن في الجرائم التي يرتكبها جنودها في العراق لا تسمن ولا تغني من جوع، كما أنها لا تنصف الضحايا بقدر ما تُبرئ الجناة، ثم هل ترجع تلك التحقيقات الدماء العراقية التي تنزف تحت أقدام الجنود الأميركيين؟ وهل تعيد عبير إلى الوجود لتذهب إلى المدرسة وهي آمنه مطمئنة؟ أما هل تعيد «هدى الأمان» إلى هدى (التي لا يغنيها التبني) بعد فقدان أهلها؟
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1402 - السبت 08 يوليو 2006م الموافق 11 جمادى الآخرة 1427هـ