أحد أعضاء حزب «الموالاة» في اليمن ظهر على شاشة إحدى الفضائيات العربية ليقدم فلسفة فكرية متكاملة لتراجع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح عن قراره التاريخي بالتنحي عن الحكم، معتبرا أن هذا التراجع يمثل بداية لمرحلة الحصاد العربي!
ولأننا لا نقرأ الغيب، أخذنا تلك التصريحات على أنها مزحة من النوع الذي لا يصدق، لكن تبين أن القضية قضية جد لا هزل فيها! فالرئيس حين كشف تفاصيل برنامجه المقبل، للسنوات الـ 28 المقبلة، فإنه أعلن عن نيته توليد الكهرباء عن طريق الطاقة النووية، وهو ما يعني حتما اعتماد برنامج نووي سلمي، وإنشاء محطات طاقة نووية في عدد من المحافظات اليمنية، والتوسع في برامج تعليم الطاقة الذرية في جامعة صنعاء، وإنشاء معامل للأبحاث الذرية، وتنفيذ برامج تخصيب اليورانيوم، وهي خطوة مكلفة جدا جدا، على أن أكثرها كلفة هو المواجهة المرتقبة مع الولايات المتحدة الأميركية، وما سيتلوها من حصار اقتصادي وربما إلحاق اليمن بمحور الشر، إلى جانب سورية وكوريا وإيران!
كل ذلك من المؤكد أنه أخذ في حسابات طبقة الساسة اليمنيين، بمن فيهم فريق المفاوضات اليمني المنتظر إرساله إلى جنيف في فترة لاحقة لخوض مباحثات الوكالة الدولية للطاقة النووية، وما قد يتبعه من نقل للملف النووي اليماني إلى مجلس الأمن. إلا أن ما قد يفوت الجانب اليمني هو مواقف الدول المجاورة وردود الفعل الإقليمية على اعتماد هذا البرنامج النووي الطموح، حتى وإن كان سلمياً مئة في المئة. فاليمن لن يكون في مواجهة شخص وحيد اسمه البرادعي فحسب، ولا مع الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري فقط، بل عليه أن يواجه المخاوف الإقليمية أيضاً.
على اليمن بعد اليوم أن يعد العدة لتخفيف المخاوف الإقليمية من برنامجه النووي السلمي الطموح، سواء لدى الدول العربية المجاورة، أو تلك الواقعة على الطرف الآخر من البحر الأحمر، إثيويبا وأريتريا وجيبوتي وحتى الصومال، نزولا إلى جزر القمر وكينيا ومدغشقر جنوبا.
على الجانب الإعلامي، ستكون المهمة صعبة، فالحروب «النووية» المعاصرة في جانب كبير منها هي حروب إعلامية بالدرجة الأولى كما نشاهد ونرى بين إيران والاتحاد الأوروبي والأميركان، فعلى اليمن أن يبدأ حملة علاقات عامة، وحملة توعية إعلامية قومية، لضمان تأييد الشعوب العربية لبرنامجه الطموح، باعتباره بوابة لزمن الحصاد العربي المقبل. وهذا العمل يتطلب تحشيد كل الأقلام العربية والعروبية للوقوف صفا واحدا وراء صاحب مشروع النهضة، وخصوصا في ظل وجود بعض أقلام «الموالاة» المحلية، التي دأبت على التشكيك في تقنية المفاعلات المتوافرة لدى دول العالم الثالث، ووصفها بـ «الخردة»!
إضافة إلى ذلك، ونصيحة لوجه الله، نقول: لابد من رصد موازنة خاصة يقدرها بعض المحللين الاقتصاديين بملايين الدولارات لإنجاح هذه الحملة، فكل شيء في هذا الزمن لا ينجح إلا بلغة الدولارات، فعلى الساسة اليمانيين ألا يعولوا على دعم أبناء قحطان أو عدنان، من دون دفع بالدولار
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1402 - السبت 08 يوليو 2006م الموافق 11 جمادى الآخرة 1427هـ