انطفأت شمعة من شموع وطننا الغالي يوم أمس مع رحيل أحد قادة التيار الديمقراطي التقدمي في البحرين أحمد الذوادي الذي بذل سنوات حياته من أجل البحرين أرضاً وشعباً.
التقيته مع بداية عهد الإصلاح من خلال عملي وسمعت عن نضاله من الذين عرفوه ومنهم خالي العزيز علي دويغر الذي أسس مع الذوادي أول حزب يساري في الخليج قبل أكثر من 60 عاماً.
اجتمعت هذه الشخصيات الوطنية مع بعضها بعضاً مع انطلاق أكبر حركة وطنية في العام 1954، وساهموا في إحداث انتفاضة الخمسينات التي جمعت الشيعي مع السني، لتؤسس بعدها مسيرة العمل السياسي السلمي الديمقراطي.
الجيل الذي سبق الذوادي أسس النوادي والصحف والمجلات وعندما تطورت الحركة السياسية ونمت سعى دويغر والذوادي ورفاقهما إلى تأسيس تنظيم سياسي ساهم في تشكيل صورة البحرين التي كانت ومازالت سباقة الى العمل المتطور في مختلف المجالات. فالبحرين شهدت الاعتراف الرسمي بأول حزب سياسي وهو هيئة الاتحاد الوطني في العام 1956، ولو قدر لتلك التجربة الاستمرار لكنا قد انتقلنا بسرعة أكبر إلى التطور الذي نسعى اليه جميعا.
وإذا كانت هيئة الاتحاد الوطني هي أول حزب سياسي يتم الاعتراف به رسمياً، فإن جبهة التحرير الوطني البحرانية التي أسسها دويغر والذوادي ورفاقهما هي أول تنظيم سياسي بالمفهوم الحديث، ولربما كان سيعترف به رسمياً لو لم تتغير الأمور لاحقاً في نهاية الخمسينات من القرن الماضي.
على أن الذوادي الذي ساهم في تنشيط الحراك السياسي منذ عودته إلى البحرين وتأسيسه مع رفاقه جمعية سياسية تجمع المنتمين والمناصرين للاتجاه التقدمي الديمقراطي، كان ومازال شمعة في الطريق، الذي قد يطفئها الموت جسديا، لكنها ستبقى معلما يستنير به الآخرون الذين يعملون من أجل وطنهم.
ولا أعتقد أن البحرينيين سينسون مناضلا مثل أحمد الذوادي الذي دخل السجون وعاش في المنافي وعاد إلى وطنه دون أن يحمل في قلبه حقدا على أحد، بل إنه ساهم مع كل المخلصين لوطننا الغالي في دعم الديمقراطية، وفسح المجال للجيل الجديد لرفع الراية.
فتحية من القلب لمن أفنوا زهرة شبابهم في السجون والمنافي والحرمان من العمل والمنع من السفر والتضييق في حياتهم المعيشية والخاصة، ملاقين مقابل ذلك جميع صنوف القهر والاضطهاد التي مارستها أجهزة الاستخبارات في الماضي عليهم وعلى نساء «جبهة التحرير الوطني البحرانية».
لقد صمد الكثيرون والكثيرات... قد نعرفهم... وقد لا نعرفهم... قد نذكرهم... وقد لا نذكرهم... لكن لا يمكن لأحد إلغاءهم أو مسحهم من تاريخ النضال البحريني الذي سيبقى يذكّر الأجيال بما صنعه هؤلاء وإلى ما وصلت إليه البحرين من حال الآن...
وعلينا أن نتذكر أن هؤلاء جميعا دون استثناء وما خلفته الحقبة السابقة من آلام وأوجاع لايزال الجميع يتذكرها... فمرة أخرى تحية لجميع مناضلي وشهداء هذا الوطن
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1402 - السبت 08 يوليو 2006م الموافق 11 جمادى الآخرة 1427هـ