قال الناشط السياسي وعضو مجلس الشورى بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية جلال فيروز في بيان صحافي أمس: «إن قانون مكافحة الإرهاب يتعارض مع الهدف الأساسي من مسار الإصلاح السياسي الذي كان من إنجازاته التخلص من قانون الطوارئ المسمى بقانون تدابير أمن الدولة»، وذكر في معرض تعليقه على مشروع القانون الذي يناقشه مجلس النواب حاليا أن القانون «صيغ صوغاً فضفاضاً يخرجه عن عنوانه ويفتح أبواب السجون واسعة لكل نشاط قد تحسبه الحكومة مخالفا لتوجهاتها».
ولخص فيروز محاذير القانون في أنه «لم يعرف لفظة (الإرهاب) بحسب المفهوم الذي أقرته الأمم المتحدة. فهو لا يختص بالجرائم (الإرهابية) بالمعنى المتعارف عليه دوليا أي (استعمال العنف ضد مدنيين أبرياء)، بل يتعداه إلى أمور أخرى لا تدخل ضمن سياق الإرهاب، الأمر الذي يجعل منه لائحة جنائية موازية قد تجر إلى المزيد من انتهاك الحريات وحقوق الإنسان تحت غطاء (مكافحة الإرهاب)».
وأضاف فيروز «ان القانون يلقي بظل ثقيل من القيد على الحريات العامة، ويجعل أمن المواطن وسلامته على محك ضيق بتسهيل توجيه التهم إلى المواطن بالشبهة والظن، ويزود الحكومة بسلطات شاملة غير مسبوقة في إصدار أوامر السيطرة بما فيها (الإقامة الجبرية) واستخدام وسائل التعقب والتجسس، ويمكن لهذه الأوامر أن تفرض قيوداً على الحقوق والحريات الأساسية التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان». مردفا «ان القانون من شأنه توجيه التهمة إلى المواطنين على ما يكنونه ويفصحون عنه من آراء قد تخالف توجهات الحكومة أو تعارض قراراتها، ما يقمع أي توجه لانتقاد السلطة أو مطالبتها بالكف عن السياسات أو الإجراءات التعسفية».
كما أشار إلى أن القانون «يحرم الناس من حقوقهم بتهم واهية استناداً إلى (أدلة) سرية، والتي يمكن الحصول عليها تحت وطأة الضغط أو سوء المعاملة، كما يُحرم الناس أيضاً من حقهم في تقديم دفاع كامل، ويحد من فعالية إشراك القضاء في إعادة النظر بقرار السلطة التنفيذية. كما بين أن المادة العاشرة من القانون أخرجت القانون كله من سياقه اذ انها تضمنت أمورا لا شأن لها بالإرهاب الذي يحدد وسائل معينة لارتكاب الجريمة الإرهابية كالسلاح والمتفجرات أو المعدات المستعملة في الاعتداء على الأشخاص أو الممتلكات، بينما ضمنت المادة الآراء والأفكار والخطب ضمن الوسائل الإرهابية. وصيغت بعض مواد القانون بعمومية مخلة ومخزية بحيث يمكن لأي وكيل للنيابة اليوم حبس الآلاف من المواطنين بحجة أو أخرى يمكن أن تنضوي تحت مظلة هذه المادة، وقد يؤخذ على أية ندوة بأن مضمونها يحتوي على «دعايات مثيرة أو أفكار متطرفة» (كما ورد في المادة 10)... أو أمرا يمكن أن (يضر بالوحدة الوطنية)».
وأردف فيروز «المادة السادسة من القانون يمكن أن تطبق على عشرات الآلاف من المواطنين المنخرطين في هيئات أو جمعيات تجهر بمخالفتها للدستور الجديد أو تعتبره غير شرعي، أو تلك التي لا ترى جدوى من وجود بعض الأجهزة العامة، كمجلس الشورى المعين بصلاحياته التشريعية مثلا».
وبحسب فيروز فإن «ترسانة القوانين القديمة المقرة خلال فترة غياب المجلس التشريعي إضافة إلى القوانين المستحدثة جلها تتضمن مواد عقابية والبعض منها شديدة القسوة تغنينا عن بناء مخازن لقوانين أخرى لا يعلم مسالك وتبعات وعواقب تطبيقها إلا الله». مركزاً على أن «مؤدى القوانين وأهدافها لابد أن تنحصر في حفظ الأمن والنظام لا أن تكون منطلقا ومدخلا يمكن أن يطلق يد رجال الأمن لإحكام القبضة على الحريات وقمع الآراء والمعتقدات السياسية والفكرية، وهي أمور من شأنها إحراق المنجزات الإصلاحية التي حازتها البلاد في فترة ما بعد الميثاق، وقد يؤخذ على المجلسين في حال تمريرهما للقانون تطبيق القاعدة «ما يعطى باليمين يؤخذ بالشمال». مؤكدا أن هناك دولاً كبرى كفرنسا رفضت إصدار مثل هذا القانون على رغم تعرضها لعمليات إرهابية باستمرار. وخلص فيروز إلى أنه من المفترض أن تتصدى المجالس النيابية لهذه القوانين «الجائرة وغير الدستورية»
العدد 1401 - الجمعة 07 يوليو 2006م الموافق 10 جمادى الآخرة 1427هـ