العدد 3561 - الأربعاء 06 يونيو 2012م الموافق 16 رجب 1433هـ

المنبر الديمقراطي... إلى أين؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تعتبر «جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي» وارثة أقدم تنظيم سياسي يساري في البحرين، حمل على كاهله قضية النضال الوطني، وفي مقدمتها كفاح الطبقة العاملة والنقابات.

تحوّل التنظيم إلى جمعية سياسية العام 2000، وحين مالت أكثر الجمعيات المعارضة لمقاطعة انتخابات 2002، فضل النزول ببعض الأسماء التي وصل بعضها للبرلمان وكان لها حضورٌ وصوتٌ واضحٌ. وعندما دخلت «الوفاق» انتخابات 2006 حازت على المقاعد المحجوزة للمعارضة حسب التقسيمة المعروفة للدوائر.

ظل المنبر حاضراً جنباً إلى جنب الجمعيات المعارضة طوال السنوات اللاحقة، حتى انطلاق أحداث فبراير 2011 التي هزّت البحرين. وبعد إعلان السلامة الوطنية، استمر أمين عام المنبر حسن مدن يحضر إلى جانب بقية قادة الجمعيات المعارضة السبع في المؤتمر الصحافي الأسبوعي المشترك، وبعد شهرٍ واحدٍ غاب عن المنصة.

كثيرةٌ هي التفسيرات التي راجت آنذاك، بعضها يتكلّم عن «ضغوط» و «تهديدات» بعد اعتقال أمين عام «وعد» إبراهيم شريف، واعتقال بعض نواب «الوفاق» (جلال فيروز ومطر مطر) ممن يتمتعون بحصانةٍ مفترضة. مدن سرعان ما فُصِل من عمله بوزارة الثقافة ضمن موجة الفصل التي طالت ستة آلاف مواطن من مواقع وظيفية مختلفة، وفي خطوةٍ تاليةٍ تم فصله من «معهد التنمية السياسية». كانت الرسالة قد وصلت كما يرى بعض المراقبين، ولم يعد قادراً على الكتابة في الداخل فاقتصر على نشر عموده في «الخليج» الإماراتية.

لم تكن كل تلك التفسيرات كافيةً لتفسير أو تبرير مواقف المنبر التالية، إذ بدا متردّداً ومنكفئاً على نفسه. مع الوقت تبيّن أنه تعرّض لما تعرّضت له قطاعاتٌ أخرى في المجتمع من حمّى التشطير والاستقطاب الطائفي. وبدا مدن كمن يحاول قيادة المنبر وسط هذا الموج العاتي، لينأى بنفسه عن تهمة «التبعية» للوفاق التي كانت تلوكها بعض الأقلام «اليمينية»، وبين المحافظة على وحدة الموقف داخل التنظيم، بعد أن اكتسح الاستقطاب الطائفي حتى أصحاب الايديولوجيات اليسارية ذات الأفق الأممي، وأعاد فرزهم ضمن انتماءات طائفية ضيقة، لا تليق بأشخاصٍ ذوي تاريخ نضالي وتضحيات امتدت خمسين عاماً من أجل قضايا وطنية عادلة.

حين صدر تقرير «بسيوني»، تعاطى المنبر بإيجابيةٍ، وصوّت بتأييد انضمام مدن للجنة متابعة تنفيذ توصياته، ولم يوقع على «وثيقة المنامة». وبعد أربعة أشهر تمكّن من معاودة نشر مقاله في الداخل مرةً أخرى. وفي المؤتمر العام قبل شهرين، تنحى جانباً عن الترشح للمنصب ذاته، ليفسح المجال أمام دماء جديدة، والتزاماً بالنظام الأساسي للجمعية الذي يمنع الترشّح لأكثر من دورتين. ومنذئذٍ لم يتم الاتفاق على تعيين أمينٍ عامٍّ جديدٍ مازالت تنتظره العديد من التحديات.

إحدى هذه التحديات، قضية نقابة «ألبا»، التي يتولى كِبرها أحد المنتمين تنظيمياً إلى المنبر الديمقراطي، ومازالت تتفاعل منذ أشهر وتلقِي بظلالها السوداء على مستقبل الحركة النقابية في البحرين. وفي الأيام الماضية شهدنا الفصل الأخير منها حين تبنّى رئيس مجلس إدارة النقابة علي البنعلي عملية انشقاق النقابة عن الاتحاد العام لعمال البحرين، بما سيؤدي حتماً إلى إضعاف الحركة العمالية وإغراقها في المستنقع الطائفي، بما يُخالف كل المنطلقات الأيديولوجية والثوابت الوطنية التي آمنت وناضلت من أجلها ثلاثة أجيال من عمال البحرين، من مختلف الانتماءات السياسية والدينية والعرقية.

عملية تخويل رئيس النقابة تشوبها الكثير من الشكوك والإشكالات وعلامات التعجب والاستغراب، مع إصرار الأغلبية العمالية على التمسك بعضوية الاتحاد العام، والأغرب أن يظلّ هذا المنبر العريق صامتاً عن هذا الذي يدور باسمه وتحت عباءته... فالصمت والانعزال لا ينسجمان مع قاموس النضال.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3561 - الأربعاء 06 يونيو 2012م الموافق 16 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 3:44 ص

      رقم 3

      تعليقك يعكس شخصتك وتفكيرك ..أعرف أن الحقيقة مرة بالنسبة إليك ولأمثالك ..ولكن ليس هناك تنظير بل حقائق عبر مسيرة من النضال والمعاناة والتضحية الوطنية .إما إذا حاولت أن تتصيد في منهجية التعدد والتنوع القائمة في مسيرة المنبر فلن تحصد غير الحصرم ...مع التحية..س.د

    • زائر 24 | 6:37 م

      محرقية

      المنبر التقدمي ... هم زمن النضال الذي ذاق السجون والمنافي ... بس تذكروا اننا في انتظاركم دائما

    • زائر 22 | 3:11 م

      صدام رمزا الامة العربية

      علي الرغم من استشهاد صدام حسين من قبل زمرة امريكا الا ان مايحدث في الوطن العربي من مغالطات ضدة وفي كل مناسبة وبدون مناسبة يدل علي تاثير هدا القائد التاريخي في مقاومة الاستعمار وعلي راسها امريكا التي حشدت 45 دولة لسقاط نظامة رحمة اللة علية

    • زائر 21 | 3:00 م

      الي تعليق رقم 5

      اعتقد من كلامك انت طائفي ولالم تكلمت علي اسد العروبة الشهيد المناضل صدام حسين الدي رفض المسومات علي ارضة وعلي الامة العربية وضحي باولادة في سبيل الوطن ولواعترف باسرائيل لكن الان في الحكم بدل الزمرة التي جاءت علي الدبابة الامريكية والصهيونية اما انتقاددك للجمعيات السياسية فانت لاتختلف عن السلطة في ضربها للجمعيات واخرها مع جمعية امل

    • زائر 20 | 1:07 م

      ولد البلد

      المواقف الغرية والمريبة للسيد الرئيس ليست وليدة اليوم و لا 14 فبراير 2011 بل تعود إلى ما قبل ذلك بكثير. هل تذكرون موقفه من نية الإدارة الجديدة في سبتمبر 2009 تسريح 30% من عمال ألبا ؟ ألم لم يكن مؤيداً و مسانداً بصورة تثير الريبة و الاستغراب !!!!؟؟؟؟

    • زائر 19 | 12:34 م

      التعصب الطائفي

      نحن نحترم الكاتب ورأيه ونقدره ، ولكن نختلف معه في بعض تحليلاته فيما يتعلق بالوضع النقابي والسياسي ، إما التعليقات السلبية تجاه المنبر التقدمي من بعض القراء ، فذلك ليس بجديد لأن العقلية الشمولية وخاصة الطائفية منها لاتؤمن بحرية الرأي والخيار الوطني الغير طائفي ..فالتخوين والتشويه أصبح جزء من تقاليدها وسلوكها ..فالتجارب السياسية السابقة مع هذه المجموعات خير شاهد ودليل على قمعها من خلال هذه السلوكيات للرأى المخالف ..مع التحية..س.د

    • زائر 18 | 11:31 ص

      خوش كلام

      يعني الكتّاب المحترمين لازم ما يتكلمون او ينتقدون لكي لا يتهمونهم بخلق المشاكل؟ وهل السيد قاسم اختلق مشكلة ام ان المشكلة موجودة على الأرض من عدة أشهر والمنبر الدمقراطي الاشتراكي ساكت عنها ولا يجرأ على النطق بكلمة.

    • زائر 17 | 10:40 ص

      وحدة وطنية

      زين ليك سيد سويت لينه هوشة؟!!

    • زائر 16 | 10:11 ص

      يا سيدنا

      استحلفك بضميرك هل تعتبر جمعية لا اساس لها في الواقع وافضل حالاتها حشد 15 الى عشرين نفر لجمعتها العمومية وهي في غالبه جمعيات مشوشة منها من وجد وفي صدام مثله الأعلى واخرى جل انشطتعا الأحتغال بعيد نيروز( نو روز ) واخرى من جمعيات بو نغرات (المعارضة ) قبلته الزعيم الفاضل معمر القذافي هل هذه معارضة وهل هي قدوتك اتمنى عليك ان تكون صريحاً كما عرفتك بقدر صراحتك المبطنة للمنبر الديمقراطي ثم اسألك هل انت عضو في احدى تلك الجمعيات او انت معارض

    • زائر 15 | 9:11 ص

      الى الأخ رقم 3 يا من لا تحب التنظير .. لماذا لا نكون شجعان ونعترف بسلبياتنا التي قصمت ظهر البعير

      ان قضية الحركة العمالية البحرينية والمخاطر التي تتهددها قد بدأت منذ بداية دخول الاسلام السياسي الطائفي على خط نضال العمال ، فاذا انت لا تحب التنظير عليك ان توضح وجهة نظرك عن مسيرة الاتحاد العمالي في نضاله من اجل حقوق العمال المهنية منذ عام الفين والى يومنا الحاضر ، وخصوصا قراره الآثم بحق العمال ودعوته الى الاعتصام وما ترتب عليه من زج الحركة العمالية في اتون السياسة وبذلك ساهم وبشكل مباشر في شق الحركة العمالية على اسس طائفية ، لماذا لا نكون شجعان ونعترف بسلبياتنا التي قصمت ظهر البعير

    • زائر 14 | 8:16 ص

      شكرا للتنظير يا رقم 2

      الكلام التنظيري جميل لكن الواقع يقول ان تنظيم يعتنق الفكر الشيوعي اوشك على التمزق على اساس طائفي؟؟!! و اما عن الخط النقابي فما يقوم به احد عناصر المنبر و عضو المكتب السياسي السابق واضح للعيان في سعيه الدؤوب لشق الصف العمالي. يوجد مشكلة كبيرة في هذا التنظيم على عناصرة حلها بدل التنظير الغير مجدي.

    • زائر 12 | 5:53 ص

      الموقف الوطني

      تميز المنبر التقدمي و طوال العقود الماضية ومنذ تأسيسه بالخط الوطني الصريح والواضح دون مساومة على قضية الوطن ووحدة نسيجه الوطني ، الذي أصبح مهدداً في ساحة وأسواق الابتزاز و تجارة السياسيات الطائفية ، كما أن الخط النقابي ا يعتبر وجوده ونجاحه ركيزة ومحور لمسيرة المنبر النضالية ويشكل صيانته وحمايته من ساحة الاختطاف الطائفي والابتزاز السياسي مطلباً و منطلقاً وطنياً لنهج المنبر التقدمي ..مع التحية ...سعيد

    • زائر 9 | 3:43 ص

      شكراً

      لهذه النصيحة الوطنية.

اقرأ ايضاً