يقال لكي تموت القضية ادفع بها إلى لجنة، أصبحت اللجان في حياتنا عادة، حتى مللنا من كثرتها، ولم تكن التعليقات المعقبة في الموقع الإلكتروني لصحيفة «الوسط» أمس الأول (الإثنين) على خبر تشكيل لجنة حكومية لمتابعة توصيات جنيف إلا خير دليل على تملُّل المواطنين من تلك اللجان حتى أصبحت الفكرة يتخذها الناس للتندُّر. فإطلالة عامة على إبراز ما كتب نجده ينمّ عن يأس وقناعة مسبقة بعدم الجدوى، فيقول أحدهم متسائلاً عن الفائدة «لجنة وراء لجنة وراء لجنة وراء لجنة، هكذا حال البحرين، وبعدين يعني؟»، بينما يعلق آخر بأننا أصبحنا بلد المليون لجنة عوضاً عن المليون نخلة دليلاً على كثرتها، ليؤكد آخر بقوله «وكلنا أمل في تشكيل لجنة ثانية لمتابعة أداء اللجنة الأولى وحبذا لو يتم تشكيل لجنة ثالثة لتسهيل أداء اللجنتين» وأصدق من عبر «بسنا لجان يا حسين»، وآخر ينعى اللجنة بقوله «الفاتحة» ولم تنتهِ التعليقات عند ذلك الحد فقد سبقها تعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي التي أخذت بعداً وتنوعاً أكبر.
اللجنة في واقعها مجموعة من الأشخاص يوكل إليهم المهمة لإيجاد حل لمشكلة معينة وذلك بتقديم التوصيات باتخاذ قرارات محددة وإجراءات معينة، هذه اللجان بعضها دائم ولكن غالباً ما تكون مؤقتة تنتهي بانتهاء مهمتها والغرض الذي من أجله عقدت، لذلك عادة ما تكون مشروطة في تكوينها بمدة محددة، اللجان الدائمة تشكل لمسئوليات ذات طبيعة مستمرة بوجه عام مثل التخطيط والتمويل، وهي في حد ذاتها تحتاج إلى قرارات جماعية لا فردية أما اللجان المؤقتة فهي تنشأ للقيام بمسئوليات محددة من حيث طبيعتها ومدتها، ومن أجل مهام عامة غير متكررة، مثل دراسة موقف أو وضع ما أو الترتيب لحدث أو مناسبة من المناسبات.
هناك إيجابيات لانعقاد اللجان منها أنها تتيح المجال للاستعانة بمتخصصين من مجالات شتى ما يوفر أرضية لإيجاد فريق عمل جيد ومتخصص يساعد على اتخاذ الرؤى من زوايا مختلفة، لكن لهذه اللجان أيضاً سلبيات منها أنها مضيعة للوقت في اجتماعات وتشكيل فرق، واحتمالية تفرد عضو أو أقلية في سير أعمال اللجنة وتوجيه قرارها الذي ربما قد يستغرق وقتاًً طويلاً وهو بالتالي يموّه القضية، ما يجد المتتبع معه صعوبة في إلقاء المسئولية وإيجاد حل لها.
اللجان تشكل من أجل تقويم ومراقبة ومتابعة سير النظام العام وخلق تصورات جديدة إلى التنمية ا???تمعية الهادفة الشاملة، لذا من الأهمية أن يكون إنشاؤها نابعاً من رغبة المجتمع المحلي وقناعة أفراده بتشكيلها أمراً ضرورياً، والأكثر من ذلك أن يشارك ممثلوه فيها لتكون لتلك اللجنة مصداقية أكبر وتأثير أشمل لقطاعات مختلفة من الشعب، الشعب البحريني شعب واعٍ متفهم ومدرك للأمور وهو راغب في إصلاح الوضع ويتفاعل مع اللجان وليس أصدق من تفاعله وسرعة استجابته مع اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق والتي شكلت بموجب الأمر الملكي رقم 28 الصادر في 29 يونيو/ حزيران 2011 والمعنية بتقديم تقرير متكامل عن الأحداث المؤسفة التي شهدتها مملكة البحرين منذ شهر فبراير/ شباط 2011 مرفقاً بالتوصيات التي تراها مناسبة في هذا الشأن. فالبحرينيون معنيون بهذه اللجان وهم حريصون على متابعتها لأن الأمر يخصهم وهي قضيتهم، لذا فإن استغفالهم بتفريغ قضاياهم في اللجان لتضيع وتموت، لن يجدي نفعاً، ولن يكون أمام مشكليها إلا سيل من النكات التي يبدو أنها أخذت طريقها لمجتمعنا مع الربيع العربي وانفتاح الفضاء الإلكتروني.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 3560 - الثلثاء 05 يونيو 2012م الموافق 15 رجب 1433هـ
كل يوم لجان
فعلا اخت رمله ملينا و زهفنا من شي اسمه لجنه و ياريت فبهم اي فايده