الأوضاع المتوترة التي تشهدها الساحة الإيرانية منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في 12 يونيو / حزيران 2009 أصبحت لها تداعيات خطيرة على مجمل الوضع في إيران وفي المنطقة، وما لم تتحرك القوى العاقلة في إيران فإن الأمور قد تنتهي إلى ما لا تحمد عقباه. خطبة مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي يوم الجمعة الماضي (19 يونيو) أوضحت موقفه من تطورات الأمور، ولكن الأوضاع لم تهدأ، بل إن عدد القتلى ازداد وعدد المعتقلين في ازدياد والأحداث تتواتر بشكل مقلق.
وهنا تبرز الحاجة إلى مَنْ يلعب دور «الوسطاء» و «العقلاء»، وإلا فإن المشكلة ستتعقد أكثر. الساحة الإيرانية تكاد تخلو ممن يمكنهم جمع الطرفين، ولكن يوم أمس بدأت مؤشرات على ظهور شخصيتين محوريتين، وهما رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني والرئيس السابق محمد خاتمي. لاريجاني محسوب على المحافظين، وخاتمي محسوب على الإصلاحيين، والاثنان أطلقا تصريحات يمكن من خلالهما رأب الصدع ولملمة الأمور.
لاريجاني انتقد في تصريحات له أثناء مقابلة تلفزيونية «مجلس صيانة الدستور»، وقال إن هناك الكثير من الناس ممن لايؤمنون بصحة نتائج الانتخابات، وبالرغم من أن مجلس صيانة الدستور يتكون من رجال دين، ولكن - والحديث للاريجاني - فإن إعلان بعضهم انحيازه لصالح أحد المترشحين قد أخل بالثقة بينهم وبين المحتجين. وقال لاريجاني إنه يجب عدم استخدام وسائل تستفز الشعب، ففي حين يجب احترام القانون، إلا إنه أيضا يجب الاستماع لما تقوله الحشود المحتجة.
أما الرئيس السابق محمد خاتمي فقد دعا إلى تشكيل «هيئة محايدة» للنظر في شكاوى المعترضين على نتائج الانتخابات الرئاسية، كما أكد على حق الناس في الاحتجاجات السلمية وأدان إتهام المحتجين بالارتباط بالأجنبي. وقال إن الاحتجاج المدني وسلوك الناس في المظاهرات «يوضح نضج ويقظة الجمهور»، وهي أيضا تذكير «بحقيقة لايمكن نكرانها وهي أن للشعب حقا دستوريا واضحا» وإن الحكومة ملزمة بالوفاء للحقوق... كما طالب بالإفراج عن المعتقلين والتوقف عن إطلاق التهديدات من مختلف الأطراف، وإنه مهما كان ثمن هذه الإجراءات التصحيحية فإنها تستحق ذلك، لأنها ضمان للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي قامت على أساس إرادة الشعب.
إن الاستماع لهذين الصوتين المتوازنين يفسح المجال للعقلاء الآخرين بأن يتدخلوا ويجبروا الكسر الذي حدث في عصب القاعدة الجماهيرية لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي ذلك خير لإيران وخير للمنطقة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2481 - الإثنين 22 يونيو 2009م الموافق 28 جمادى الآخرة 1430هـ