برهنت النزاعات الطائفية في بعض البلدان العربية التي إما تشهد مراحل انتقالية في شكل نظامها السياسي أو انتفاضات طويلة النفس بأنها لن تتمكن من صرف نظر الشعوب عن الديمقراطية ولكنها قد تؤخر ذلك لفترة زمنية معينة تنتهي مع نهاية كل نظام يقصي الطرف الآخر في المجتمع ويهمش الفئات الأخرى من الطبقات الكادحة والشباب وصولاً إلى النساء.
إن استخدام النزاع الطائفي كأسلوب في التهرب عن حل المشاكل العالقة داخل المجتمعات ما هو إلا وسيلة «سهلة الهضم» للتشويش على قضية داخلية يراد تجاهلها.
وهناك حالات يكون الوضع فيها جامداً لا يتغير لفترة طويلة مثل الحالة في كوبا التي مازالت تنتظر التغيير أو بثورة شعبية مفاجئة كالذي حصل في تونس.
ويرى أحد المحللين السياسيين بأن «الحل لا يكمن في نزاع أو حرب طائفية ولكنها تعمق ورطة الجميع وكل الأطراف. فهي لن تحرر النخب الحاكمة من مواجهة الاستحقاقات القادمة ولا توفر عليها الاعتراف بحقوق هذه المجتمعات والتزاماتها تجاهها، ومن باب أولى أن تمكنها من استعادة السيطرة عليها». ونوه إلى أنها «لن تعطي للمعارضة أي دفع جديد يساعدها على التغلب على الحصار المضروب من حولها. أما بالنسبة للمجتمع، فهي تقود حتماً إلى الدمار العام بقدر ما تهدد وجود الدولة وتبدد موارد البلاد وتعرضها للتهديدات الخارجية».
هناك وجهة نظر تقول إن المستفيد الوحيد من هذا النزاع أو الحرب هي شبكات المصالح الفاسدة والأنظمة المفلسة من ناحية القيم، والتي لا تستطيع أن تنمو وتزدهر وتتحول إلى زعامات تاريخية إلا في مناخ الحروب والأزمات. وأصحابها الذين يحتقرون بالتعريف فكرة وجود التزامات جماعية وقيم تضامن إنسانية وحقوق سياسية وحريات فكرية ويفتقرون إلى أي شعور بالمسئولية هم المعنيون الوحيدون بتغذيتها وتفجيرها.
بيد أن المجتمعات نفسها ليست محصنة ضد الاستخدامات الطائفية أيضاً، وهناك من يجد في دغدغة الطائفية مشاعر العديد من قطاعات الرأي العام التي تعيش حياة هشة وغير مستقرة بأنها تكاد أن تنهار بين حصار النظم الحاكمة التي تخشى انفجارها فتفرض عليها حكماً مطلقاً يشلها عن التفكير والحركة، وحصار الرأي العام الدولي الذي يوحد بينها والإرهاب والذي لا يكف عن استفزازها ويضعها موضع الشك كما نلمسه في وسائل إعلام وصحف الأنظمة الشمولية ذات الصوت الواحد والإعلام الواحد.
كما أن الظروف الصعبة التي تعيشها أغلبية المواطنين وغياب أفق الحلول الجماعية والسياسية أي الوطنية ما هي إلا تربة خصبة لنمو المشاعر السلبية عند الأفراد والجماعات التي تبدأ معها فكرة التخلص من الآخر كما يرى غليون إما بتحييده أو إقصائه أو القضاء عليه والسطو على حقوقه وموارده. فالنزاع الطائفي هو شكل من أشكال حروب التصفية.
ان البعض يدفع مجتمعاتنا التي التحقت بالصحوة العربية الديمقراطية للانجراف نحو حالة من الاحتراب وبعث اليأس من امكانية الإصلاح و «غياب الأمل بالوصول إلى نهاية النفق بالطرق الطبيعية وفي وقت معقول، كل ذلك يشكل مصادر متضافرة قوية لتوليد المنازعات في كل المجتمعات والأزمان. وبقدر ما يصبح القتال أسلوب الإنتاج الرئيسي للثروة والسلطة والجاه تبرز الحاجة إلى بناء العصبية، أي روح الطائفية التي تتغذى من أوهام القربى الدينية أو القبلية أو الثقافية، وتصبح بمثابة اللحمة التي تصهر الأفراد».
إن مثل هذه القراءة ليست بعيدة عن الواقع المعاش في مجتمعاتنا العربية، وخاصة أن النّظم السياسيّة مازالت ترى في النزاعات الطائفية طريقاً للتخلص من الاستجابة للمطالب واستمراراً لدكتاتورياتها وحرمان الشعوب من حقوقها السياسية والمدنية. أن التحريض على النّزاعات الطائفيّة يُهدف منه منع قيام دولة المواطَنَة المتساوية أو الدّولة التي تتجاوز الرّوابط القبلية والعرقية والمذهبية إلى رابطة مدنية تعاقدية محكومة بدستور يتأسس على احترام كرامة الإنسان وحقه في المشاركة السياسية الحقة.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3553 - الثلثاء 29 مايو 2012م الموافق 08 رجب 1433هـ
الإشارة في الإثارة والإنارة
خلق مشكلة أو إثارة خلاف وجدل .. من الوسائل القديمة والمستخدمة لشغل الناس وإلهائهم عن القضايا الأساسية والأصلية لأسباب المشاكل التي عليهم التفكير فيها وإيجاد الحلول. ليس بسبب أن الناس من صنعها لكنهم شاركوا في تكوينها.
فهل يمكن حل المشكلة بإثارة مشكلة أخرى؟
اختي الكاتبه
لماذا لا تصلتي الضوء علا قائمة تمكين
نعم هو السلاح الفعال للأمم الجاهلة
الأمم الغافلة الجاهلة التي تقبل من نفسها ان تكون مطية لأجندات السياسة فلن يتواني اي طرف يجد في تسخيرها كسلاح يقاوم به اي تغيير واي تطور.
هذا السلاح لا يمكن استغلاله في حالة الامم الواعية التي لا ترتضي ان تكون إمعة يتلاعب بها كيف ما يريد المريد.
إن الله كرم الإنسان واعطاه العقل والتفكير وحذره من ان يكون سلعة بيد غيره يشرى ويباع في سوق النخاسين وقد ضرب على ذلك امثلة(وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار)
الفتنة المذهبية والطائفية
الفتنة المذهبية والطائفية هي سلاح كل الأنظمة العربية عموماً والخليجية خصوصاً
لن يتغير هذا الواقع ولكن سيتلاشى تقريباً لو كان لنا أنظمة ديمقراطية حرة
وثقافة وطنية وثقافة قبول الآخر
مقال رائع كالمعتاد استاذه وصموووووووود
صدقتي والله يشهد
صدقتيييييييييييييييييييييييييييييييييي يا ريم بكل حرف