لم أكن أعرف الكثير عن وثيقة كايروس أو ما يطلق عليها «وقفة حق»، إلى أن التقيت الأب جمال خضر وهو أحد القائمين على هذه الوثيقة المسيحية التي صدرت في العام 2009 ليؤكد لي أنها وثيقة جاءت لتكون كلمة إيمان ورجاء ومحبة من قلب المعاناة الفلسطينية بعد أن أعلنتها منظمات مسيحية ومفكرون ولاهوتيون مسيحيون فلسطينيون من جميع الكنائس في فلسطين والأراضي المحتلة يدعون فيها العدو إلى إنهاء الاحتلال.
جاءت الوثيقة لتشدد على القيم المسيحية والإنسانية وتناشد المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب المظلومين من أجل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية المنتهكة، وتحرير الإسرائيليين من عنف احتلالهم، من خلال إعادة النظر في تفسيرات الكتاب المقدس وعدم إعطاء الشرعية التوراتية واللاهوتية للتعدي على حقوق الإنسان.
وقد أقرت الوثيقة أن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية هو خطيئة ضد الله وضد الأنسان لإنه يَحرم الانسان الفلسطيني حقوقه الانسانية التي منحها الله إياه.
«وثيقة كايروس» جاءت لتذكر الواقع كما هو في الأراضي المحتلة والأراضي الفلسطينية من خلال ذكر ما يعانيه الفلسطينيون بسبب الجدار الفاصل ومعاناة غزة وأهلها، ونهب الأراضي الفلسطينية والموارد الطبيعية وما يلقاه الفلسطينيون عند الحواجز العسكرية ومعاناة الأسر التي لا يمكن لأفرادها العيش معاً، وتقييد الحرية الدينية وحرية الوصول إلى الأماكن المقدسة، وأوضاع اللاجئين الذين لايزالون في انتظار العودة الى بيوتهم وأراضيهم، إضافة إلى معاناة الأسرى في السجون الإسرائيلية ومحاولات تهويد القدس، وتغيير التاريخ والواقع من خلال تسمية المقاومة الفلسطينية بالإرهاب الفلسطيني، موضحة أن المقاومة لم تأتِ إلا بسبب الاحتلال، وحالما ينتهي الاحتلال سيعم السلام كل الأرض.
«وثيقة كايروس» وثيقة تحولت إلى لقاءات ومشاورات ومحاولات لاستقطاب الرأي الدولي واستعطافه من خلال مؤتمرات ولقاءات تهدف إلى تبيان الحق والواقع وربطه بالدين الذي يدعو إلى المحبة والسلام، وقد تكللت بنجاحات متواصلة كان صداها يصل إلى الإسرائيليين الذين يحاولون جاهدين منع التعاطف معها من خلال تهديد الكنائس والمنظمات وهو الذي يفشل في الغالب.
وبعد إعلان تدشين الوثيقة رسمياًّ استجابت لها مختلف الشرائح والأطياف والأديان والمذاهب؛ إذ أصدر المسلمون في منظمة «السلام من أجل الحياة» وثيقة تكرس مبادئ «وثيقة كايروس» من منظور إسلامي وتؤكد ما جاء فيها، من خلال التأكيد على ان الاحتلال منافٍ لأصول الأديان جميعها وأن من حق الفلسطيني أن يعود إلى وطنه ويسترجع جميع أراضيه. ثم جاء بيان رد وثيقة كايروس الافريقية المتعاطف معها والموافق على ما جاء فيها، علماً بأن وثيقة كايروس جنوب افريقيا كانت الوثيقة الأولى إذ كتبت بواسطة مجموعة من القساوسة واللاهوتيين في سويتو بجنوب إفريقيا التي أعلن عنها رسميا في العام 1985 بتوقيع أكثر من 150 من قادة الكنيسة والتي دعت إلى العصيان المدني والنضال لأجل الحرية والعدل، فأثارت ردود فعل قوية وجدالات عميقة وجادة في مختلف كنائس العالم إلى أن نجحت كونها أحد أهم الأدوات التي أسقطت نظام التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا حيث أدان الموقعون على تلك الوثيقة نظام الفصل العنصري؛ وهذا ما سمح بعودة المؤتمر الوطني الإفريقي بعد تسلم دي كليرك الحكم العام 1989، ووضعت نهاية لهذا النظام الظالم بعد انتخابات 1994 والتي جاءت بالزعيم نيلسون مانديلا رئيساً لجنوب إفريقيا. وقد اتخذت وثيقة كايروس فلسطين من نجاح وثيقة كايروس جنوب افريقيا أملاً وقدوة تسير عليه لتحقق مبتغاها لإنهاء الاحتلال وخصوصاً أنها قادت إلى وثائق مماثلة تدعو إلى الحرية والعدل في بلدان كثيرة، مثل: أميركا اللاتينية وأوروبا وزيمبابوي والهند وآخرها فلسطين.
ولاتزال الجهود مستمرة لكسب مزيد من التأييد في مختلف دول العالم ليحصل الفلسطينيون كل الفلسطينين على حقهم كاملاً غير منقوص من خلال اعلان مبادئ الانسانية والمحبة والسلام.
كم نحن بحاجة إلى مثل هذه المبادرات التي لا تكتفي بالورق، بل تتعداه إلى العمل والمثابرة من أجل إعادة الأراضي الفلسطينية بالحجة والبرهان.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3551 - الأحد 27 مايو 2012م الموافق 06 رجب 1433هـ
ستعود
نعم فلسطين ستعود لنا بجهودنا نحن الشعوب وليس بجهود الحكومات والغرب. الفلسطينيون مسيحيون ومسلمون هم الأساس في هذه المقاومة وهم الذين سيعودون القدس لنا جميعا لكل العرب والمسلمين والبشرية
فلسطين لنا
جميل استاذة هذا المقال يعرفنا عن شيء لا نعرفه عن فلسطين كنت اظن ان المسيحيين مع الاسرائليين في فلسطين شكرا لكم على توضيح هذي لنا اختي العزيزة وانشالله ينتصرون ويطلعون الصهاينة من فلسطين