دراسة مواقف دول العالم من الوضع الحقوقي في البحرين يوضح للأطراف المختلفة في الداخل البحريني حقيقة الأمر الذي فيه يختلفان.

كان واضحاً أن أكثر الدول المشاركة في المراجعة تقع في القارة الأوروبية، وكانت تقييماتها متقاربة، فإيطاليا اعتبرت تنفيذ توصيات بسيوني أساسياً لعملية الإصلاح الوطني، ومع ترحيبها بما نفذته البحرين، أوصت بالتحقيق في ادعاءات التعذيب وإحالة المتسببين بها للمساءلة، وإلغاء عقوبة الإعدام، وإعادة بناء المساجد المهدمة.

مندوب هولندا قال إن القمع في البحرين كان واضحاً جداً، ولتحقيق احترام حقوق الإنسان لابد من تغيير السياسات، وانتقد اعتقال المشاركين في الاحتجاجات السلمية وفرض القيود على تشكيل الجمعيات وعلى حرية التعبير، بما فيها الإنترنت، واعتقال الناشط الحقوقي نبيل رجب بسبب تغريداته على موقع «تويتر»، مطالباً بإعطاء المعارضة فرصة للتعبير عن رأيها من خلال التلفزيون والراديو والصحافة. واتفق معه مندوب النرويج، إذ طالب بتحديد خطة زمنية لتنفيذ التوصيات، والتحقيق في ادعاءات التعذيب، ومحاسبة المتورطين فيها، مع الإفراج غير المشروط عن المعتقلين بسبب آرائهم السياسية، وكفالة حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، والسماح بعملهم من دون قيود أو تهديد، مبدياً أسفه لعدم استقلالية الإعلام.

بولندا أبدت قلقها من محاكمة المدنيين أمام محاكم السلامة الوطنية، وخصوصاً الأطباء والمعلمين. أما سلوفاكيا فدعت البحرين لمحاكمة منتهكي حقوق الإنسان، وتعويض ضحايا الأحداث الأخيرة، والتأكيد على ضمان الحق في حرية التعبير.

هذا على الجانب الشرقي من الأطلسي، أما على الجانب الغربي، فعلى رغم ثناء الولايات المتحدة الأميركية على إنشاء لجنة بسيوني، إلا أنها أعربت عن قلقها أيضاً من عدم تنفيذ أهم توصياتها، ودعت لإغلاق ملف المفصولين بشكل نهائي. وأشارت إلى فشل مؤسسات الدولة في التحقيق الفعال وملاحقة المتهمين بممارسة انتهاكات حقوق الإنسان وضمان مساءلتهم على جميع المستويات في المسئولية، بمن فيهم المتورطون في تعذيب وسوء معاملة أو وفاة المدنيين خلال الاحتجاجات.

المندوب الأميركي أبدى قلقه من استمرار توقيف ومحاكمة مئات المشاركين في الاحتجاجات السلمية، وخصوصاً مع استمرار محاكمة 20 من أفراد الكادر الطبي. ومع رفضها الواضح لاستخدام المتظاهرين للمولوتوف ضد رجال الشرطة، فإنها أدانت «الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة وزيادة استخدام الغاز المسيل للدموع وسلاح الشوزن». ويبدو أن الأميركيين يتابعون بدقةٍ الأوضاع، ولهم اطلاع واسع على ما يكتب وينشر في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، ولا يكتفون بما يسمعون.

الجار الشمالي للأميركان، كندا، أوصت بإصدار القوانين التي تلزم رجال تنفيذ القانون باحترام حقوق الإنسان، وبصدور قانون يكفل حرية التعبير والسماح بالتجمعات السلمية، مع تنفيذ كل توصيات بسيوني. وطالبت مندوبتها بتوفير معلومات عمّا حققته البحرين فعلاً على صعيد تدريب رجال إنفاذ القانون على حقوق الإنسان، والخطة الزمنية لذلك.

الجار الجنوبي للأميركيين، المكسيك، دعت مندوبتها إلى حوارٍ يضم جميع الأطراف الوطنية، بما يتوافق مع مطالب المشاركين في الاحتجاجات الأخيرة بالديمقراطية. وانتقدت عدم صدور قانون للصحافة، ودعت للسماح بحرية التعبير بصورة كاملة، بما فيها الولوج إلى الإنترنت، مؤكدةً على أهمية الزيارة المقرّر أن يقوم بها المقرر الخاص بالتعذيب إلى البحرين، وأوصت بالموافقة على طلبات زيارة المقررين الخاصين بالعمالة المهاجرة وحرية التجمع.

القراءة الموضوعية الهادئة تشير إلى وجود تطابق شبه تام في مواقف الدول من شمال أوروبا إلى شمال أميركا.