العدد 3549 - الجمعة 25 مايو 2012م الموافق 04 رجب 1433هـ

صيانة العيش المشترك

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

لم يكن المؤتمر الأخير الذي حضرته في القاهرة مؤتمراً إعلامياً أو أدبياً أو حقوقياً كما تعودت دائما، بل كان هذه المرة مؤتمراً للفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي تحت عنوان «صيانة العيش المشترك في العالم العربي»، أثار في فكري الكثير من التساؤلات والشجون والتنهدات.

تساؤلات حول واقع العالم العربي بشكل خاص والعالم بشكل عام، وما سيؤول إليه في المستقبل مع هذا الكم الكبير من الأحقاد والضغائن التي انتشرت بين الناس حتى بات المرء يبحث بين البشر عن إنسان، إنسان فقط يسمع ويتصرف ويتحدث بإنسانيته بعيدا عن دينه ومذهبه.

شارك في المؤتمر خمسون باحثاً وناشطاً وعالم دين من المسلمين والمسيحيين من مصر ولبنان وسورية والأردن وفلسطين والامارات العربية المتحدة والبحرين والعراق والسودان والمملكة العربية السعودية، ليناقشون تداعيات الربيع العربي وآثاره على العيش المشترك بين مختلف الأديان والطوائف، إضافة إلى الوثائق الإيجابية التي صدرت من أكثر من جهة إسلامية ومسيحية بشأن الحوار والتعايش السلمي القائم على الاحترام المتبادل والمحبة بين الأديان.

أوراق كثيرة قدمت خلال المؤتمر كانت جميعها تصب في سبل تفكيك الكراهية ونبذ العنف وطرق التوصل إلى حياة تسودها المحبة والمودة والتقارب بين الأديان واحترام الآخر، إذ فصلت في أدوار المؤسسات العاملة في الحوار وتقييم عملها، واهتمت بالعلاقات الإسلامية المسيحية في العالم العربي في ضوء الثورات العربية، وقدمت نماذج ساهمت في تقديم رؤية لصيانة العيش المشترك.

كما اهتمت الأوراق المقدمة بتبيان العلاقة بين السياسي والديني على ضوء الثورات في العالم العربي، وصيانة العيش المشترك من خلال العمل الفعلي والآليات المطلوبة لتحقيقه، وكانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في النقاش من خلال تسليط الضوء على قضية القدس بين السياسة والدين والتعريف بوثيقة كايروس التي أعدتها نخب مسيحية لتكون بمثابة ميثاق للتعامل مع القضية الفلسطينية من وجهة نظر إنسانية ومسيحية.

كل هذه العناوين تثير الغبطة في النفس لأن هناك من يحاول أن يؤسس لمفهوم العيش المشترك ويعمق الشعور بأهميته وضرورته، وهو أمر لا يمكن التقليل من شأنه إن تحدثنا على مستوى العالم بشكل عام أو العالم العربي بشكل خاص، ولكن في المقابل نحن بحاجة إلى مؤتمرات ووثائق مشابهة تقام وتصدر من و في دول الخليج العربي تهتم بصيانة العيش المشترك بين الطائفتين السنية والشيعية بمختلف تقسيماتهما، وهو ما ذكره بعض المشاركين في المؤتمر كالكاتب السعودي جعفر الشايب والمفكر اللبناني وجيه قانصو وغيرهما، خصوصاً مع التطورات التي حدثت في المنطقة وتداعيات الربيع العربي الذي حط برحاله على الدول بأكملها على اختلاف درجاته فخلف مزيداً من الحساسيات والكراهيات بين المذهبين أدت في بعض الأحيان إلى البغض والتنافر والشقاق.

نحن بحاجة اليوم إلى تأسيس فرق محلية في كل دولة واقليم مشتركة بين دول الخليج لتحد من ظاهرة العنف النفسي والجسدي بين المذهبين وتكرس لمبدأ الحوار والاحترام، من خلال إقامة مؤتمرات تصل إلى الأفراد جميعهم ولا تقتصر على الفئة المثقفة أو النخب، إضافة إلى اصدار وثائق لتعزيز العيش المشترك في ظل دول مدنية تهتم بالمواطنة على أساس الانسانية لا المذهب أو الأيديولوجيا.

ونحن في البحرين بحاجة إلى مثل هذه الفرق المكونة من عقلاء وحكماء المذهبين، خصوصاً مع وجود إعلام يعزز التفرقة الطائفية ولا يدين خطاب الكراهية المذهبية. نحن بحاجة لعقلاء ينتشلون الوطن من الانغماس في سموم وأحقاد لم نكن نعرفها ولم نعشها قبل هذه الأزمة، ليصان حق المواطن أولا قبل أي اعتبار آخر، وليسود التسامح والاحترام المجتمع كما كان سابقا وأجمل.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3549 - الجمعة 25 مايو 2012م الموافق 04 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 2:18 م

      ماهذا الابداع ياسوسن

      مبدعة حقا ووطنية الى الامام سيرى

    • زائر 4 | 3:38 ص

      Thanx

      Thanks 4 the article dear this is really what we need now

    • زائر 3 | 2:28 ص

      فكرة ممتازة

      ياريت نكون هالمجموعات والفرق ونقدر نطلع من الطائفية اللي عشاها بهادي السنة شكرا على الفكرة شقيقة

    • زائر 1 | 11:26 م

      نعم للعيش المشترك

      أختي سوسن / شكرا جزيلا على هذا المقال الذي يقطر بالوطنية وبالروح الاسلامية .والقواسم المشتركة بين الناس لا حصر لها وجاهل من يقول أنها محدودة أو يستطيع عدها. وكما قلت نحن في هذا الخليج أحوج ما نكون للتعلق بالقواسم المشنركة وترك ما لا يعنينا .(( البحرين شعب واحد لا شعبين ))

اقرأ ايضاً