الاختلاف سمة الكون، لم يخلقنا الله متشابهين، لا في اللون، ولا الشكل، ولا الطباع، كما لم يخلق الكون البديع بلونٍ واحد، أو شكلٍ واحد، أو طعمٍ واحد. أحدث هذا الاختلاف تناغماً رائعاً أضفى للحياة جماليتها، كل مختلف كان يضيف روعةً أخرى لوجودنا، لذا الاختلاف دائماً وفي كل الأشياء ظاهرة صحية، ومتناغمة تماماً مع الكون، ومع أنفسنا، فالطيور لا تملك جميعها صوتاً واحداً، بل هي أنغام شتى، والفراشات لا تحمل كلها لوناً واحداً، بل مئات الأشكال والألوان المختلفة تزين أجنحتها الرقيقة، وكل الكون يسير وفق نظرية الاختلاف، التي لم تجعل الأشياء تتصارع فيما بينها، بل تتكامل، وتتناغم في انسجامٍ مبهر.
نحن أيضاً مختلفون، في طبائعنا، وأفكارنا، وتوجهاتنا، ومعتقداتنا، ومذاهبنا الفكرية والدينية والسياسية. نحن مختلفون لأننا جزء من هذا الكون، متفقون ومتناغمون معه تماماً، الاختلاف هو أن أجعلك ترى ما أراه، وما أنت عاجزٌ عن رؤيته من زاويتك، هو أن أنقل لك ما أشعر به، وهو مختلف كلياً عما تشعر أنت به، ببساطة لأنك بوضعٍ مختلف، وظروف لا تشبه ظروفي. هو أن أبدي رأيي الذي لا يشابه رأيك، وأكون بمأمن من اتهام الخيانة الذي يصوبه البعض نحو الآخر المختلف، لمجرد أنه يحمل رأياً لا يشبه رأيهم، وصوتاً لا يشبه صوتهم، وحلماً يختلف عن أحلامهم.
حين يكون وطننا بقعةً للتعايش بوئام بين الملل فإن علينا أن نتعايش بتسامح ورقي مع أصحاب الأديان المختلفة، وأن نتسامح قبلها مع المختلفين معنا مذهباً المتفقين ديناً، وصف طائفة بأكملها بأوصاف لا تليق ليس شيئاً من التسامح، وهو يهز تلك الصورة الجميلة التي اكتسبتها أرضنا على مدى حقب طويلة من الزمن، أن نتعلم ثقافة الاختلاف يعني أن نعيش متفقين على أن نختلف بود، ونتقبل اختلافاتنا برقي، ونثق أن الاختلاف لا يعني بالضرورة خلافاً، وأن توجهاتنا الفكرية والسياسية المختلفة هي دليل صحة المجتمع الذي نعيشه، وهذا يعني أن مجتمعنا آخذٌ في النمو اجتماعياً وسياسياً.
حين نختلف سياسياً لا يحتاج الأمر «للفزعة» بل لدراسة أسباب هذا الاختلاف والمعارضة، لا تقوم المجتمعات صبيحة يومٍ صيفي مقررةً أن تعارض سلطاتها، لكنها تراكمات الأخطاء اليومية الصغيرة منها والكبيرة، البسيطة والكارثية، التي تجبر المواطنين على الاعتراض على وضعٍ ما، إن ثبت صحة ما يدعون فالأولى تقويم الأخطاء، لا تزيينها وبهرجتها، أو تحويرها وتحويل مسارها، ربما بذلك تتشعب وتنتج مشكلاتٍ أخرى، لكنها بلا شك لن تزول. إن المعارضين هم أكثر الناس ولاءً للأوطان، فهم بمعارضتهم يكشفون عيوبها، ويدلونها على سبيل إصلاح أمرها، ويجب أن يشكروا، إن أخذنا الأمر على أن الاختلاف سمة الحياة، والمعارضة وضع صحي لابد من تعزيزه لتتطور الشعوب، لكن هناك من يكره المرايا المصقولة، لأنها تظهر عيوبه التي لا يحتمل رؤيتها ناهيك عن تقبلها، فتغدو الصورة الساكنة أكثر جمالاً من ضجيج الكلمات.
بإمكاننا اليوم أن نتفق على أن نختلف في كل شيء ونتفق على أننا نستحق وطناً أجمل، وطنٌ لا يقبل أن يعرى وكسوته بين يديه.
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3547 - الأربعاء 23 مايو 2012م الموافق 02 رجب 1433هـ
الى زائر 9
يا عزيزي هل فقدت احد ابناءك هل اعتقل لك احد من اخوتك هل دمر احد منزلك والقوا فيه مسيلات الدموع ان لم يصبك كل هذه الامورر فانشاء الله يصبك احد هذه الاشياء اوكلها انه سميع قدير يامنتقم
افضل المقالات
اي والله صدفتين
في ناس ايقولون نحن مع حرية التعبير وتعدد الآراء
ومن واحد ايقول شيء ضدهم ايقولون سموه خائن وغير وطني و........الخ أي حرية تعبير يقصدونها
صحيح ولكن .
صحيح ولكن : 1- الأختلاف لا يعني قطع الطرق وتعطيل مصالح الناس وماذا ذنب الناس التي تسعى الى رزقها
2- الأختلاف يعني أن نتفق بانه تعطيل مصالح الناس واعمال المراهقة التي في الشارع تحتاج الى فزعة بالنصح لأن هذه الأعمال تضر باهالي المنطقة نفسهم أولا وأخيرا .
3- تخيلي أنك حصل لك موقف طارئ وتريدين أن تخرجين وفجأة يكون أمامك قمامة محترقة واغلاق الطرق ماذا سوف تفعلين .
4 - تخيلي أن يوجد شخص مريض ويجب نقله بالأسعاف ولا يسطتيع الأسعاف الدخول الى المنطقة بسبب غلق الشارع من سوف يكون المسؤول ؟؟
تسلسل 4 ( بس ) هنايأتي دور الخطاب الراقي
الفرق كما تقول بين الرأي والمؤامرة ، كيف يعبر كل عن وجهة نظره اذا لم يكن هناك خطاب راقي ، لم نرى سوى الركون ( للقمع ) ولا حاجة لأعادة وتكرار ما حدث من انتهاكات ، هل ترى في كتابات التحريض والكراهية خطاب راقي ؟ هل ترى في القمع قبالة الصوت خطاب راقي ؟ هل ترى في فصل الناس لأنتماء مذهبي رسالة وخطاب راقي ؟ ما هو معشعش في عقول البعض مما يسمونه مؤامرة لن يتغير الا اذا سمعوا للخطاب الراقي أما اذا لزموا خطابات الكراهية فسيتحول ما يعتقدون به من وهم الى حقيقة لديهم فقط .
سنابسيون
في ناس اختي الكاتبه عندهم عصبيه ...في راسهم لا يقبلون الارأيهم حتى وان كانوا على خطأ وهذي هي المصيبه الكبرى
بس
في فرق بين الرءي والمؤامرة
الخطاب الراقي
دائما الخطاب الراقي ينال من القلب ويصل له وان اختلفت معه أو أيدته ، يفتقد الكثير اليوم من المهووسين بالمؤامرة والمخونين لشريحة وفئة هي أساس لهذا المجتمع يفتقدون اللياقة في الخطاب ، وليس لهم سوى القذف والسب ، ولذا تفتقد كتاباتهم وخطاباتهم المصداقية لأنهم لا يحاورن ولا يطرحون فكرة سوى النيل من الطرف الآخر وهذا ليس خطاب ينتظره القاريء لأنهم يشبعون نهمهم في الكراهية ونفي الآخر وهناك محبون لتلك الخطابات ولكن دون ان تؤثر في صنع قرار او تعود للوطن بفائدة والوصول لحل للأزمة ( يفتقدون الخطاب الراقي ) .
شكرا
شكرا لك اخت مريم واتمنى من بعض الكاتبات المهوسات الديناصورات ان يتعلمن منك كيف ان نختلف من دون ان نخون بعضنا البعض .مرة اخرى كرا على المقال الراقي
حين نختلف سياسياً لا يحتاج الأمر «للفزعة»
ومن هذا المنطلق قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
أنا شيعي وليلى* أموية ... الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
* ليلى العامرية محبوبة قيس بن الملوح