في الوقت الذي يقرأ فيه الجمهور الأميركي تقريراً جديداً آخر عن الرقابة الحكومية على المسلمين الأميركيين، من المنعش أن نعرف أنه للمرة الأولى منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، تخاطب اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي، ومعها الهيئات التشريعية المختلفة في الولايات والهيئات الفيدرالية الأخرى مباشرة مصادر القلق الشعبي السائدة منذ فترة طويلة بشأن التنميط العرقي والديني، وهي ممارسة ضمن عملية تطبيق القانون، تعتمد فقط على الدين أو الأصول العرقية لتحديد ما إذا كان هناك نشاط إجرامي محتمل. بوجود هذه التطورات الأخيرة، هل من الممكن أننا نرى أخيراً بداية النهاية للتنميط العرقي والديني في أميركا؟
جرت جلسة مجلس الشيوخ عن التنميط العرقي، والتي أطلقها ريتشارد ديربن، عضو مجلس الشيوخ من ولاية إيلينوي، بالتزامن مع مشروع قانون يشارك ديربن في رعايته عنوانه «مشروع إنهاء التنميط العرقي للعام 2011»، جرت يوم 17 أبريل/ نيسان. أصبح التنميط العرقي والديني قضية حساسة بشكل خاص بالنسبة للمسلمين الأميركيين خلال العقد الماضي، رغم أنها تؤثر على أقليات عرقية ودينية في الولايات المتحدة. يعتقد البعض في الولايات المتحدة أن جميع الأفراد من أصول جنوب آسيوية أو عربية هم مسلمون، وأن كون المرء مسلماً يشكل خطراً لسبب ما، الأمر الذي أدى إلى تنميط أفراد هذه الجماعات العرقية. تنتهك ممارسات كهذه الحقوق الدستورية في المعاملة المتساوية تحت القانون. إضافة إلى ذلك فإن التنميط العرقي والديني غير فاعل، حيث إنه يرتكز على فرضيات غير معتمدة عن الأقليات، بدلاً من أنماط السلوك الإجرامي.
يوفر قانون إنهاء التنميط العرقي كذلك تدريباً إضافياً لمساعدة قوات تطبيق القانون والمسئولين الحكوميين وجماعات الرقابة في الأحياء على تجنب استخدام تكتيكات كهذه.
يرجع الجدل السياسي في فاعلية التنميط العرقي والديني من قبل قوات تطبيق القانون عدة عقود إلى الوراء. ومن المثير للاهتمام أنه عندما حصل هذا التصرف على انتباه سياسي عالي المستوى، كان الرئيس السابق جورج دبليو بوش هو الذي أعلن في خطاب له في فبراير/ شباط 2001 أن التنميط العرقي «خطأ وسنضع حداً لها في أميركا». ثم أضاف قائلاً أن إنهاء ممارسات التنميط العرقي لن تعرّض الأمن للخطر.
ثم جاءت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وأصبح ما أسماه بوش في يوم من الأيام «خطأ»، حقاً له ما يبرره باسم الأمن القومي. «أثناء الصدمة القومية التي تبعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، واجهت الحريات المدنية الأمن القومي وجهاً لوجه»، يقول السناتور ديربن، وأحياناً كثيرة فاز وعد الأمن القومي على حساب الأميركيين المسلمين وغيرهم من الأميركيين الذين ظهروا وكأنهم مسلمين.
وتأتي جلسة مناقشة قانون إنهاء التنميط العرقي في وقت يجري فيه تحدّي التنميط العرقي والديني بنشاط عبر الأمة. نادى العديد من دعاة الحقوق المدنية والمسئولين التشريعيين بتحقيق وإشراف غير حزبي على دائرة شرطة نيويورك بعد أن تبيّن أنها تراقب الأميركيين المسلمين وأقليات عرقية معينة في المنطقة دون سبب معقول.
بعد أن تم اعتقال العديد من ضباط الشرطة لقيامهم وبشكل غير قانوني باستهداف وإزعاج أميركيين من أصول إسبانية في ولاية كونيكتكت، قام مشرّعو الولاية بإصدار قانون حاسم يمنع «إيقاف أو حجز أو تفتيش أي شخص» بسبب «العرق أو اللون أو السن أو النوع الاجتماعي أو التوجه الجنسي».
كذلك سمحت عقود من التنظيم على مستوى الجذور لجماعات الحقوق المدنية بتوفير أدوات وتقنيات أفضل إلى الجمهور لتمكين أنفسهم عند مواجهة إزعاج من جانب قوى تطبيق الأمن. أطلق تحالف السيخ مؤخراً، على سبيل المثال، تطبيقاً على الهواتف النقالة يسمح للمسافرين بتقديم احتجاج مباشر للحكومة إذا شعروا أنهم يتعرضون لتنميط عرقي بشكل غير عادل. تمكنت هذه الجماعات بدورها من توفير أساليب تقييم أفضل لمنظمات التأثير واستقطاب الرأي وللمشرّعين لمدى فاعلية التنميط العرقي والديني بشكل عام وعدمه.
تتخذ بعض الهيئات الفيدرالية، نتيجة للضغط الجماهيري إجراءات لمنع الممارسات التمييزية المؤسسية. وقد بادرت كل من المؤسسة العسكرية ومكتب التحقيقات الفيدرالية باتخاذ خطوات لمراجعة المواد التدريبية التي يستخدمونها بعد ظهور تقارير بشأن استخدامهم لمواد تحتوي على الرهاب الإسلامي. وقام رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية بإعطاء أمر لمراجعة المواد التدريبية العسكرية بأكملها لضمان عدم احتوائها على مادة رهابية إسلامية. ويعقد مكتب التحقيقات الفيدرالية هذا الشهر ورشات عمل عنوانها «محاربة الرهاب الإسلامي: حقائق وأساطير حول الإسلام».
وعلى رغم أنه من الصعوبة بمكان في هذه المرحلة معرفة معايير المؤسسة العسكرية أو مكتب التحقيقات الفيدرالية التي تقرر ما يشكّل مادة في الرهاب الإسلامي، فإن مجرد محاولة غرس معايير أفضل يشكّل خطوة إلى الأمام.
سيشكّل إصدار قانون إنهاء التنميط العرقي إنجازاً مهماً على المستوى الفيدرالي. ولكن إصلاح ضرر عقود طويلة من التنميط العرقي والديني سيشكل عملية مطولة. هذه هي البداية فقط. وحتى يتسنى التقدم إلى الأمام، يحتاج المزيد من المشرّعين وهيئات تطبيق القانون لأن يدرسوا بأسلوب ناقد ممارساتهم وموادهم التمييزية، وفي الوقت نفسه أن يسمحوا بمزيد من الشفافية. سيحتاج ضباط تنفيذ القوانين المحليين والفيدراليين للكثير من التدريب لكي يفهموا بصورة أفضل ويحددوا السلوك الإجرامي المحتمل باستخدام ممارسات أكثر فاعلية من التنميط العرقي.
من الأهمية بمكان، حتى يتسنى إنهاء التنميط العرقي والديني وضمان حماية حقوقنا المدنية، أن نتذكّر أننا لا نعرّض أمننا للخطر، وإنما نعززه ونبني علاقات عمل أقوى بين قوات تطبيق القانون وأفراد المجتمع.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3547 - الأربعاء 23 مايو 2012م الموافق 02 رجب 1433هـ