يخوض ماساسو ايشيجي البالغ من العمر 59 عاماً، معركة ضارية منذ عقدين طويلين، من أجل حظر تشغيل أربعة مفاعلات نووية في الساحل الغربي من «أوي»، في مقاطعة «فوكوي» المواجهة لبحر اليابان.
وبلغت هذه المعركة اليائسة منعطفاً حرجاً مؤخراً، مع اتخاذ بلدية «أوي» قراراً جديداً بإعادة تشغيل مفاعلات وحدتي 3 و4 اللتين كانتا قد أغلقتا لمدة عام لإجراء اختبارات القدرة على التحمل. عندئذ أدرك النشطاء المناهضون للطاقة الذرية في اليابان أنهم قد وصلوا إلى مرحلة حاسمة في معركتهم من أجل القضاء على هذا المصدر في البلاد.
يوكي سيكيموتو، من منظمة «السلام الأخضر» (غرين بيس) في اليابان، قال إن «قرار (أوي) الجديد يمثل ضربة للحركة المناهضة للأسلحة النووية... بل وتذكيراً صارخاً بالأوضاع الطاحنة التي يواجهها الأهالي المحليون. فعليهم الاختيار بين الإبقاء على وظائفهم أو وقف الطاقة النووية، وهذا وضع غير منصف على الإطلاق».
فالواقع هو أن عمدة البلدية، شينوبو توكيوكا، الذي يواجه الآن مهمة صعبة تتمثل في المصادقة على قرار المجلس المحلي، قال لوسائل الاعلام اليابانية إن شغله الشاغل هو الضرر المحتمل على الاقتصاد المحلي الذي سوف ينجم عن توقف المفاعلات لفترة طويلة من الزمن. وفي غضون ذلك، أكدت نتائج المسوحات المحلية التي أجراها ماساسو ايشيجي وأنصاره في بلدة «وكاماسا» التي تؤوي 9000 شخص وتقع بين مفاعلات «أوي»، واقع أن الأهالي يشعرون بالضياع أمام خيار فقدان وظائفهم أو مواجهة حادث محتمل على غرار كارثة فوكوشيما جراء الزلزال المدمر وأمواج تسونامي في مارس من العام الماضي.
وبينت النتائج أن أكثر من 90 في المئة من مجموع 400 شخص شملهم الاستطلاع، يكنون القلق إزاء عدم وجود خطة للإخلاء الآمن في مواجهة زلزال آخر يكون على درجة من الشدة بحيث يلحق الأضرار بالمفاعلات النووية. ومع ذلك، فيشعر الناس العاديون مثل أصحاب المتاجر المحلية والمورّدين للقطاع النووي بالخطر أيضاً من فقدان مصدر رزقهم.
وقد علّق ماساسو ايشيجي في اجتماع كبير للمنظمات غير الحكومية المناهضة للأسلحة النووية في طوكيو قائلاً إن «هذا هو شغلهم الشاغل. لقد خلق قرار (أوي) بإعادة تشغيل المفاعلات وضعاً متوتراً في المناطق المحيطة بها». علماً بأن المفاعلات النووية في «أوي» قد بنيت في منتصف السبعينيات، في وقت عانت فيه سلطات البلديات وجماعات المزارعين وصيادي الأسماك والأهالي خصوصاً من الشباب، من وطأة تعثر الاقتصاد.
وذكّر ماساسو ايشيجي بأنه كان يعمل في قطاع الغابات المحلية التي تعرضت لضربة قاسية بسبب واردات الأخشاب الرخيصة من الدول الآسيوية. وأوضح أن «الأخشاب اليابانية عاجزة عن منافسة الآسيوية، وهذا أدى إلى إهمال غاباتنا، فانتقل الشباب إلى المدن الكبرى بحثاً عن فرص عمل أفضل، تاركين وراءهم الاقتصاد المحلي ضعيفاً».
وأوضح أنه خلال تلك الفترة، توجهت العديد من الاقتصادات التي تعاني من الضائقة المالية في اليابان لاحتضان محطات الطاقة النووية، خصوصاً أن بناء المفاعلات النووية جاء مصحوباً بمعونات سخية من الحكومة المركزية لبناء طرق ومدارس ومرافق أخرى، ما أتاح العديد من الوظائف وأنعش الاقتصاد المحلي.
هذا وتملك شركة كانساي للطاقة الكهربائية - ثاني أكبر شركة مرافق بعد شركة كهرباء طوكيو- مفاعلات «أوي» النووية، وتأن حاليا تحت وطأة الديون جراء كارثة فوكوشيما النووية. وقد حذّرت شركات المرافق العامة من احتمال انقطاع التيار الكهربائي هذا الصيف نتيجة لإغلاق محطات الطاقة النووية.
يذكر أن الطاقة النووية توفر حالياً ما لا يقل عن 30 في المئة من مصادر الطاقة في اليابان. وكان من المقرر رفع هذه النسبة إلى 50 في المئة قبل وقوع كارثة مفاعلات فوكوشيما العام الماضي.
العدد 3546 - الثلثاء 22 مايو 2012م الموافق 01 رجب 1433هـ