افتتح وزير الطاقة عبدالحسين بن علي ميرزا مؤتمر الشرق الأوسط الثامن للتكرير وصناعة البتروكيماويات (بتروتك 2012) وذلك مساء يوم الأحد الموافق 20 مايو 2012م بقاعة المؤتمرات بمركز البحرين الدولي للمعارض بحضور جمع مميز ضم قائمة من الخبراء والمهندسين في مختلف جوانب صناعة التكرير والبتروكيماويات، ومن مختلف أنحاء العالم، كما يشارك في مؤتمر هذا العام وفوداً من أغلب شركات النفط الوطنية في دول مجلس التعاون الخليجي وشركات النفط العالمية إلى جانب الجهات المعنية بتقديم الخدمات، للتباحث وإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهها هذه الصناعة الحيوية.
وفي بداية الكلمة الافتتاحية تقدم وزير الطاقة بالشكر الجزيل إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة لرعايته للمؤتمر ونقل وزير الطاقة خالص تحيات وتمنيات القيادة الرشيدة لمملكة البحرين، التي تتمنى وتحرص على أن يتكلل هذا المؤتمر بالنجاح، كالفعّاليات الأخرى التي أقيمت في المملكة، وخاصة مؤتمر جيو 2012 الذي أقيم في شهر مارس، مثمناً النجاح الذي حققه معرض البحرين للطيران الذي أقيم في شهر يناير وسباق الفورمولا واحد في شهر أبريل من هذا العام.
موضحاً بأن عودة هذه الفعّاليات الكثيرة إلى مملكة البحرين بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها البلاد في العام 2011، لدليل قوي على الثقة في مملكة البحرين من جانب كبار منظمي المعارض والمؤتمرات في الشرق الأوسط والعالم أجمع. كما أن مشاركة هذا العدد الكبير في بتروتك دليل آخر على أن البحرين أصبحت المكان المفضل للمؤتمرات الإقليمية، وخاصة تلك التي تتناول القضايا المتصلة بالطاقة.
وقد ركز الوزير في كلمته على عدة نقاط وهي:
التقنية: التقدم التقني قائم بيننا ونلمسه في كل يوم من حياتنا بدرجة أكبر وأكبر. وأن التقدم التقني الذي تحقق خلال السنوات القليلة الماضية في مجالات الطاقة من الاستكشاف والإنتاج إلى التكرير وتوزيع المنتجات البترولية. لقد أوجدت التقنية مفردات جديدة في حياتنا، وخاصة بالنسبة للمهتمين بدراسة أصول الكلمات أو اللغات الذين لاحظوا إضافة مجموعة جديدة في استعمالاتنا اليومية. وأشير هنا إلى حرف "آي" اللاتيني الذي ارتبط بكلمات آي فون وآي بود وآي باد.
وأشار الوزير إلى بعض التقدم التقني الذي حدث في الشركات التابعة للهيئة الوطنية للنفط والغاز. فقد قامت شركة تطوير للبترول - وهي شركة مشتركة بين الشركة القابضة للنفط والغاز وشركة أوكسيدنتال بتروليوم وشركة مبادلة للتنمية – بتحويل البيانات إلى معلومات باستعمال تكامل ومعايير نظم حولت حقل البحرين التقليدي إلى حقل نفط رقمي ذكي. وقبل فترة وجيزة، أدخلت بابكو نظام الشراء الإلكتروني باستخدام تقنية كلود، وهي مبادرة من شأنها رفع الإنتاجية بدرجة عالية، وسوف يعمم فيما بعد على جميع الشركات التابعة للهيئة الوطنية للنفط والغاز وغيرها من الصناعات الأخرى ذات الصلة في البحرين. كما أن جميع شركاتنا لديها مبادرات وإنجازات عظيمة في مجال التقدم التقني.
الاستثمار: كما ذكرت آنفاً، فإن الشرق الأوسط – إلى جانب احتلاله مكان الصدارة في الإنتاج على مستوى العالم – أصبح من أسرع المناطق نمواً من حيث الطلب. فالطلب في هذه المنطقة كان يشكل 6,6% من الاستهلاك العالمي في العام 2000. أما اليوم، فهو يشكـل أكثر من 9% من الاستهلاك العالمي. وتقدر المصادر الصناعية أنه خلال الفترة ما بين 2011 و2015، سيتم استثمار نحو 530 مليار دولار في صناعات الطاقة في الشرق الأوسط، وسيكون نحو 60% من هذه الاستثمارات في دول مجلس التعاون الخليجي. وستستقطب البحرين وحدها نحو 20 مليار دولار من الاستثمارات خلال السنوات الخمس عشرة القادمة.
ولا يحتاج المرء للذهاب بعيداً ليرى ثمار استثمار الدولارات العاملة. فخلال الفترة القصيرة نسبياً من وجودها، عكست شركة تطوير للبترول الهبوط في إنتاج النفط باستخدام تقنيات متطورة لدى شريكتنا أوكسيدنتال بتروليوم. ومنذ تأسيسها في العام 2010 وحتى تاريخه، أسفر نشاط الشركة عن رفع الإنتاج بنسبة 50% من النفط المحلي.
ونوه الوزير إلى أنه قبل أسبوعين تقريباً، تم افتتاح مؤتمر الشرق الأوسط العشرين للنفط والغاز. وخلال مراسم الافتتاح، كان من الواضح أن لدى بعض المراقبين الصناعيين مخاوف بأن معدل الطاقة التكريرية الإضافية التي سيتم إنتاجها على مستوى العالم تفوق معدل النمو المتوقع في الطلب على المنتجات المكررة، وأن هذه الطاقة الزائدة قد تؤدي إلى تضييق هامش الربحية من التكرير والذي بدوره يهدد الاستثمار في أعمال التحديث والمشاريع الجديدة. وقال وارن بوفيه – وهو من أكبر المستثمرين على الإطلاق: "نحاول ببساطة أن نكون خائفين عندما يكون الآخرون جشعين وأن نكون جشعين عندما يكون الآخرون خائفين". وفي البحرين، نحن متفائلون بصناعة التكرير، ولكن باتباع نصيحة بوفيه، فإن تفاؤلنا مشوب بالحذر.
ولذلك، فإننا نتطلع إلى طاقتنا التكريرية بعد العام 2012، لكي توفر لنا ميزة تنافسية وموقفاً أفضل لاقتناص الفرص التي قد توفرها أسواق المستقبل. وقد أطلقنا على هذه المبادرة اسم "مشروع المخطط العام للمصفاة". أما المصفاة الحالية والتي يعود بعض أجزائها إلى 75 سنة فقد تطورت عبر السنين وأضيفت إليها وحدات جديدة وآخرها وحدة التكسير بالهيدروجين ووحدة إنتاج زيت التشحيم الأساس في 2007 و2010 على التوالي. وقد تم اتخاذ القرار حول الاستثمار في تحديث وتطوير المصفاة. واعتماداً على الطاقة والتشكيل النهائيين، يقدر الاستثمار حالياً في حدود 8 مليارات دولار. وسيكون بإمكان المصفاة الجديدة استيفاء جودة المنتجات المطلوبة في الأسواق مستقبلاً، والتقيد بالمعايير البيئية، وستكون مصممة وفق أعلى معايير الكفاءة العالمية في مجال الطاقة.
أما على صعيد صناعات البتروكيماويات فقد ذكر الوزير إلى أن شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات (جيبك) – تشكل نموذجاً حقيقياً للتعاون المثمر بين ثلاث دول خليجية ممثلة في شركة الصناعات الأساسية (سابك) السعودية، وشركة صناعات البتروكيماويات الكويتية، والشركة القابضة للنفط والغاز البحرينية، وقد سجلت إنجازات مميزة على جميع الأصعدة، وتخطط لتوسعة طاقتها في المستقبل.
الموظفون: تسترشد الهيئة الوطنية للنفط والغاز والشركات التابعة لها بتطلعات وأهداف رؤية البحرين 2030، تلك الرؤية التي تعتبر تطوير المواطنين البحرينيين من الأركان التي يقوم عليها نجاح البرنامج. ونحن في الهيئة الوطنية للنفط والغاز نسير بكل جد على هدي هذه الرؤية، وتعمل شركاتنا على صرف ما يزيد على 25 مليون دولار سنوياً على تدريب الموظفين لاكتساب المهارات اللازمة لتسيير الاقتصاد البحريني المستقبلي. ومن المواضيع المتكررة في كل مؤتمر من هذا النوع تقريباً هو الخوف من قرب أزمة ستواجهها صناعتنا نتيجة لنقص اليد العاملة التي تتميز بالمهارة والخلفية الفنية. وأسباب هذا الوضع كانت ولا تزال وستكون محور بحث عدد من المنتديات في سنوات قادمة. إلاّ أننا لسنا في حاجة لبحث هذا الموضوع، بل نريد الحلول. فنحن ندرك أن اجتذاب وتطوير والاحتفاظ بموظفين لديهم مواهب عالية مسألة في غاية الأهمية لنجاحنا في المستقبل. وفي هذا السياق، فإن النقص الحالي في القوة العاملة الماهرة يشكل سبباً لمخاوف أشد، مقارنة بارتفاع تكاليف المواد. وقال الوزير بأننا في قطاع النفط والغاز بصدد توحيد استراتيجيات مواردنا البشرية في صناعة النفط، وقد أعددنا خطة إحلال شاملة لجميع شركات النفط والغاز والبتروكيماويات. ورغبة في تعزيز التعاون بين القطاع الصناعي والمؤسسات الأكاديمية، وقعت الهيئة الوطنية للنفط والغاز في الشهر الماضي مذكرة تفاهم مع جامعة الخليج العربي. وبموجب هذا البرنامج وإضافة إلى تطبيق البحث العلمي في التقنيات الحيوية الجديدة في مجال التكرير، من المتوقع أن تعمل الجامعة على توفير البيئة اللازمة لتطوير جيل جديد من التقنيين والباحثين البحرينيين. وبالطبع، هناك مبادرات أخرى من هذا النوع ستأتي لاحقاً.
وقد بلغ عدد المشاركين في المؤتمر أكثر من 900 مشارك من المختصين في مجالات النفط والغاز. وخلال الجلسة الافتتاحية تحدث عبدالعزيز محمد الجديمي رئيس بتروتك 2012 – نائب رئيس ارامكو السعودية للكيماويات وكذلك محمد حمد الماضي نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة سابك السعودية، وفاروق الزنكي الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية وغرايم كودر ينغتون باحث مستقبلي، مؤلف ومقدم خبير في ذي نيو وولد أوف وورك تومورو تودي بالولايات المتحدة الأمريكية.