ما يحدث في الساحة المصرية الحالية هو محل اهتمام المراقبين الذين يتابعون عن قرب ما قد تفرزه الثورة المصرية من بعد سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك، هذه المرحلة الانتقالية التي ستشكل صورة الدولة المصرية وكيف ستلعب مستقبلا داخل المجتمع المصري ومدى تأثيرها على الشارع العربي الذي بلاشك سيتأثر بالتجربة بكل حال من الاحوال.
وقبل اقل من اسبوع على الانتخابات الرئاسية المصرية مازال الانقسام قائما بين التيارات الاسلامية مثلا بشأن دعم مرشح بعينه فيما يرى مراقبو الشأن المصري - بحسب ما جاء في التقارير الصحافية منذ ايام - ان الوضع سيستمر في الاغلب حتى جولة الاعادة بحيث تنحصر اصوات الاسلاميين بين عبدالمنعم ابوالفتوح القيادي في جماعة الاخوان المسلمين واخرين مثل محمد مرسي المرشح الرسمي للاخوان واستاذ الفقه الاسلامي محمد سليم العوا، وقد يصب هذا الانقسام لصالح مرشحين محسوبين على نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وربما ما يحدث اليوم هو اسلوب لتخيير الثورة المصرية بين الهزيمة والاحتواء والقمع وهي اساليب ليِّ ذراع الشارع الذي اختار حريته على الذل والقمع.
ورغم ان اسلوب المناظرات الذي افرزته الثورة المصرية كانت تتابع باهتمام من الشارع المصري والعربي عبر الفضائيات المصرية المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي فانها بلاشك اقدمت على خطوة متقدمة في كيفية اختيار شكل الرئيس المقبل الذي لابد ان يتمتع بخصائص تقنع جمهور الناخبين على غرار انتخابات الرئاسة الاميركية مثلا.
وهنا نقف لنعلق بان التجربة المصرية قد تختلف عن التجربة التونسية التي ذهبت في اسلوب جمهوري مختلف مازالت ملامحه في طور النمو ولم تكتمل حتى الان. ولا ندري بعد ان كانت ستقدم نموذجا عربيا يحتذى في المنطقة او تبقى اسيرة تجارب عدة بسبب قمع الحريات الذي عايشه المجتمع التونسي ابان حقبة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وبالعودة الى ثورة مصر؛ فهم اليوم يسعون لاطلاق العنان لصوتهم دون وجود اثر للعسكر الذي يعكر صفو اجواء المرحلة الانتقالية الذي ذهب في اعتماد اسلوب الرئيس الاميركي السابق جورج بوش باستخدام القوة العسكرية والقمع اللذين فشل بهما ولكن حتى هذا غير مجدٍ في ظل المرحل الحالية التي تعيش ملامح طلقات الصحوة العربية التي تنتشر بسرعة بين الاوساط المختلفة وعلى رأسها الشباب.
من هنا نرى مثلا ما قد لجأ اليه الرئيس الاميركي الحالي باراك أوباما إلى تبني «سياسة الاحتواء» وسياسة الاحتواء تعني أن تعقد القوة صاحبة النفوذ الاكبر والاقوى اتفاقاً مع أكثر الحركات الوطنية شرعية، يمنحها بمقتضاه قدراً من السلطة مقابل التزامها بالحفاظ على مصالحه. ربما ان الولايات المتحدة استخدمت نفوذها للضغط على المجلس العسكري مع القيادة الحالية لجماعة الإخوان المسلمين لأنها ادركت ان الزمان قد تغير وان مصر ينتظرها مستقبل مختلف عما كان في الماضي ولأنها تمثل ثقلا في الوطن العربي على مدى زمن طويل فانه يتوقع منها الكثير.
ولان هذا الثقل قد غاب عن الساحة لاكثر من 30 عاما، فهو من المتوقع ان يعود ولكن عودته قد تكون باتجاه احياء الامة العربية وقوتها عبر الاعتراف للمواطنين بحفظ كرامتهم وضمان حقوقهم والعيش بمستوى يناسب تطلعات المجتمعات التي وعت ما يجري في العالم ووعت ان تلعب دورا اكبر يعترف بدورها وبدور مجتمعاتها في التأثير والتغيير.
وشباب ثورة 25 يناير في مصر ومن خلال اطروحاتهم المختلفة من الفئات الاجتماعية المتعددة، مازالوا مؤمنين بحريتهم التي سلبت غصبا عنهم وسقط فيها الكثير.
ان ما طالب به الثوار الشباب وهتفوا بأعلى صوتهم من اجله في بداية ثورتهم كانت مطالب لم تعرف التخاذل و هم اليوم لا يتوقعون التنازل لان الوضع قد تغير وما عادت موجهة كما كانت عليه قبل 30 عاما.
ولذا فإننا قد نشهد ثورة اخرى قريبة ان لم تعتدل الامور في المشهد السياسي المصري، هذا ان لم يكتمل المشهد السياسي، واكتمال المشهد يعني نهاية لكل نظام او تنظيم يستخف بمقدرات وتطلعات شعوب عطشى للحرية والعدالة.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3543 - السبت 19 مايو 2012م الموافق 28 جمادى الآخرة 1433هـ
أستاذه ريم أنا متفائل
حتماً إن ثورة مصر سوف تغير المنطقة إن كتب لها النجاح، وأنا متفائل بذلك