العدد 3537 - الأحد 13 مايو 2012م الموافق 22 جمادى الآخرة 1433هـ

الانتخابات تؤكد استثناء الجزائر من الربيع العربي

لم تهب رياح الربيع العربي على الجزائر واكتفت بالمرور فوق هذا البلد الذي تجذر فيه منذ الاستقلال نظام صنع الاستثناء بسبب نزاعين عنيفين وتجربته مع الإسلام السياسي، بحسب المحللين.

وأظهرت نتائج أول انتخابات جرت في الجزائر بعد الثورات العربية التي انطلقت من تونس المجاورة، تكريس الوضع القائم والابتعاد عن هذا النهج.

ويشير كاتب افتتاحية صحيفة «ليبرتيه» الصادرة السبت أن ما يظهر من الانتخابات التشريعية «هو الاستثناء الذي صنعته الجزائر والذي لا علاقة له بالتحاليل والتخمينات المتعلقة بالعالم العربي والثورات التي مرت بهذه الدول».

وبينما تمكن الإسلاميون المعتدلون في تونس والمغرب ومصر من تحقيق مكاسب انتخابية بفضل الربيع العربي، سجل الإسلاميون في الجزائر هزيمة بحصولهم على 59 مقعداً من بين 462.

وبحسب المحلل السياسي، نور الدين حقيقي فإن «ما حدث في الربيع العربي أثر في الجزائريين ولكن ليس كما كان يتصور العالم الخارجي».

وأوضح «حصل تغيير في مصر وليبيا لكن حصل أيضاً تراجع نتجت عنه فوضى، والجزائري لا يبحث عن انعدام الأمن بل بالعكس يبحث عن الاستقرار».

وعند إقرار التعددية السياسية في الجزائر العام 1989، كادت الجبهة الإسلامية للإنقاذ أن تفوز بالانتخابات التشريعية التي تم تنظيمها بعد سنتين.

لكن الجيش ألغى الانتخابات فاندلعت حرب أهلية دامت عشر سنين مع الجماعات الإسلامية المسلحة -القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي خرجت منها- أسفرت عن 200 ألف قتيل.

وأضاف حقيقي «كان لدينا إسلامنا السياسي ولا يمكن أن ننسى هذه المرحلة، لأن الحرب مست كل واحد منا، لذلك فإن هذا الجيل لا يريد إعادة فتح هذا القوس من الماضي».

وتابع «بدا أن هناك ضبابية حول مستقبل الثورات العربية والجزائريون لا يريدون الدخول في المغامرة».

كما أن الجزائر خاضت حرب تحرير دامت سبع سنوات ضد فرنسا، وهي الدولة الإفريقية الوحيدة التي انتزعت استقلالها بالسلاح سنة 1962، ما أسفر عن 1,5 مليون قتيل بحسب الجزائريين.

وتمكن النظام الذي يترأسه عبد العزيز بوتفليقة منذ 1999 بمساعدة جهاز أمني قوي من الصمود خلال كل هذا الوقت. ولم تدم احتجاجات يناير/ كانون الثاني 2011 التي اندلعت بالتوازي مع الثورة التونسية سوى خمسة أيام، على الرغم من أن الإضرابات والمظاهرات تواصلت لمدة طويلة.

وكان الإسلاميون من حركة مجتمع السلم المقربة من جماعة الإخوان المسلمون، جزء من التحالف الرئاسي الحاكم بقيادة الحزب التاريخي جبهة التحرير الوطني.

لكنهم انسحبوا من التحالف الرئاسي لإنشاء تحالف آخر مع حزبين إسلاميين، دون أن يستعيدوا شرعيتهم.

وأوضح المحلل السياسي الجزائري المقيم في الدوحة، زهير حمدي أن «الإسلاميين مخطئون تماماً، لأن حركة مجتمع السلم شاركت في كل الحكومات خلال السنوات الماضية والناس لا يثقون بهم».

وبالنسبة لهذا الأستاذ الجامعي «فإن فوز الإخوان المسلمين في مصر مرده أن قياداتهم عرفوا السجون لأكثر من 30 سنة، أما هؤلاء فليسوا إسلاميي التغيير».

ويرى عدد من المحللين أن حزب جبهة التحرير الذي يحكم الجزائر منذ الاستقلال قد يعيد الروابط مع الإسلاميين، رغم حصوله على الغالبية المطلقة في البرلمان مع حليفه التجمع الوطني الديمقراطي بزعامة رئيس الوزراء، أحمد أويحيى.

وبالنسبة لكثير من الجزائريين فإن جبهة التحرير تبقى ضماناً للاستقرار.

ويعتبر رئيس مرصد الدول العربية في باريس أنطوان بسبوس أن الغرب يبحث عن الاستقرار في هذا البلد الذي يوفر لأوروبا خمس احتياجاتها من الغاز.

وأضاف «في كل البلدان التي عرفت الربيع العربي ظهر قلق مبرر (لذلك) فيبدو لي أن هناك إرادة لحماية هذا النظام».

ومن المؤشرات على ذلك التقارير الإيجابية للمراقبين الدوليين (500) بمن فيه الأوروبيون (150) حول الانتخابات التشريعية، رغم الاتهامات بالتزوير. ووصف بسبوس الجزائر بأنها «رقم مهم في أزمة الساحل» لذلك فهو متأكد أنه «لن يتم زعزعة استقرارها حالياً» في وقت ينتظر منها أن تلعب دوراً محورياً في «المنطقة التي تسيطر عليها».

العدد 3537 - الأحد 13 مايو 2012م الموافق 22 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً