العدد 2481 - الإثنين 22 يونيو 2009م الموافق 28 جمادى الآخرة 1430هـ

المرأة اللبنانية تريد تمثيلا سياسيا أكبر

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يَعتبرُ لبنان نفسه أكثر دولة ليبرالية في الشرق الأوسط. إلا أن عدم وجود نساء في مجال السياسة يبرز بشكل ظاهر في الحياة السياسية. ورغم أن المرأة اللبنانية اليوم تتمتع بمراكز عليا في القطاع الخاص إلا أن المناصب السياسية بقيت بعيدة عنها كل البعد.

حصلت المرأة اللبنانية على حق الاقتراع في العام 1953، إلا أنها تواجه حتى اليوم معوقات كبيرة في الدخول إلى معترك السياسة في دولة تدير فيها السلالات السياسية الحاكمة والهيمنة الذكورية مقاليد الحكم. معظم النساء اللواتي يدخلن مجال السياسة يفعلن ذلك وهن «يلبسن السواد»، ليملأن مواقع أخلاها قريب ذكر، انتقل إلى العالم الآخر. ومن الأمثلة على ذلك حالتان هما ميرنا البستاني التي أصبحت أول امرأة لبنانية تدخل البرلمان بعد وفاة والدها، ونائلة معوض التي دخلت البرلمان بعد أن أصبحت سيدة لبنان الأولى الأرملة.

ولكن حتى عندما تصل امرأة سياسية إلى البرلمان دون معونة من مأساة، مثل بهية الحريري العام 1992، التي وصلت إلى البرلمان قبل فترة طويلة من اغتيال أخيها رفيق الحريري الذي كان رئيسا للوزراء خمس مرات، كان يبدو ضروريا أن تكون منتمية إلى أسرة غنية لها باع في السياسة بشكل تقليدي. من المستحيل على ما يبدو أن تدخل امرأة مستقلة بَنَت نفسها بنفسها الحلبة السياسية.

لسوء الحظ أن قضية المشاركة النسائية السياسية لم يتم التعامل معها إلا سطحيا في انتخابات السابع من يونيو/ حزيران. كانت العملية الانتخابية، التي شهدت هزيمة المعارضة بقيادة حزب الله وفوز تحالف 14 آذار، قد اعتُبرت أكثر الانتخابات تنافسية منذ سنوات عديدة. إلا أنه من بين المرشحين البالغ عددهم 587 مرشحا لم تكن هناك سوى 12 امرأة، وهو رقم يُترجَم إلى نسبة مئوية لا تتجاوز 2 في المئة. ومما يزيد الأمر أسى حقيقة أن أربعة فقط من هؤلاء النساء الاثنتي عشرة، وهن نايلة تويني وبهية الحريري وستريدا جعجع وجيلبرت زوين، وجميعهن ينحدرن من إمبراطوريات سياسية، انتخبن في برلمان لبنان الذي يضم 128 عضوا.

ساعد عدم الاستقرار في لبنان في السابق على إغراق الأصوات التي تطالب بالمساواة في النوع الاجتماعي، إلا أنه خلال الشهور الاثني عشرة الماضية التي خلت من المشاكل نسبيا، أصبحت هذه الأصوات أعلى وأكثر إصرارا، وبشكل ظاهر ضمن حملة لتغيير قانون الجنسية اللبناني الذي يميز ضد المرأة، ويمنع المرأة المتزوجة من غير لبناني من إعطاء جنسيتها إلى زوجها وأطفالها. كذلك جرى الضغط على بيروت لتعديل قوانين الأحوال الشخصية وجرى الحث على بذل جهود أكبر لمكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي.

إلا أن أقرب ما وصلت إليه الدولة، أثناء الإعداد للحملات الانتخابية، إلى حوار وطني حول دور المرأة في السياسة كان حرب شعارات بين الحركة الوطنية الحرة المعارضة من جهة، التي استعارت قولا فرنسيا مشهورا هو: «كوني جميلة واسكتي»، وغيّرته إلى «كوني جميلة وأدلي بصوتك» على ملصقة، وتحالف 14 آذار من جهة أخرى، الذي ردّ بشعار «كوني متساوية وصوتي». وقد حرصت الأحزاب على اجتذاب الأصوات النسائية، ولكن أحدا منها لم يوضّح كيف كان ينوي بالضبط تشجيع حقوق المرأة.

لن تستطيع المرأة لعب دور أعظم في الحكم في لبنان ما لم يتحول النظام السياسي في لبنان بعيدا عن الوضع التقليدي السائد من نظام طائفي ونمو تعددية علمانية أكثر انفتاحا. وكانت لجنة وطنية لوضع مسودة قانون انتخابي جديد العام 2005 قد اقترحت تبنّي كوتا نسائية بنسبة 30 في المئة، إلا أن هذا الاقتراح رُفِض. إذا كانت الأحزاب جادة في المطالبة بالمساواة في النوع الاجتماعي، تستطيع فرض كوتا طوعية ضمن هياكلها لضمان ترشيح حدّ أدنى من النساء في كل من الانتخابات عبر الأحزاب والانتخابات الوطنية.

لدى لبنان في الواقع واجب لإزالة التمييز في النوع الاجتماعي، وقد قامت بيروت بتعديل دستورها العام 1990 بهدف تبنّي شرعة حقوق الإنسان العالمية، الأمر الذي مهد الطريق لتطبيق حقوق الإنسان العالمية في التشريعات الوطنية. وقد يكون الأوان قد فات لانتخابات هذه السنة، ولكن بوجود رغبة صادقة كافية يمكن لمشاركة سياسية أوسع للمرأة اللبنانية أن تتكون بحلول انتخابات العام 2010.

لا يستطيع لبنان التمتع بالديمقراطية الحقّة طالما هو مستمر في إعاقة حقوق المرأة ومنعها من دخول الساحة السياسية. يتوجب على الرجل والمرأة أن يعملا معا لتشجيع النساء البرلمانيات. إذا كانت المرأة اللبنانية حصلت على الحق بأن تموت من أجل وطنها مع دخولها الجيش اللبناني خلال السنوات الثمانية عشرة الماضية، فيجب أن تحصل كذلك على حق المساعدة على صياغة القوانين التي تحكم كل مواطن لبناني، رجلا أكان أم امرأة.

*صحافية في «ديلي ستار» اللبنانية، والمقال يُنشر بالتعاون مع Common Ground الإخبارية

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2481 - الإثنين 22 يونيو 2009م الموافق 28 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً